حلمي النمنم: طه حسين مفكر سبق زمنه وغيّبه تجاهل النخبة

أكد حلمي النمنم، وزير الثقافة الأسبق، أن المفكر طه حسين، أحد أهم رموز الفكر والثقافة في التاريخ المصري الحديث، لم يحصل على التقدير الكافي الذي يستحقه، سواء على مستوى القراءة النقدية أو الدراسة الأكاديمية.
وأوضح "النمنم"، خلال استضافته في "بودكاست" "كلام في الثقافة"، المُذاع على قناة الوثائقية، أن هناك تقصيرًا واضحًا في تناول أفكار طه حسين وأعماله الفكرية، خاصة كتابه الشهير "مستقبل الثقافة في مصر"، الذي لم يُقرأ بعد بالشكل الذي يليق بأهميته الفكرية والتاريخية.
وثيقة استقلال فكري
ولفت وزير الثقافة الأسبق، إلى أن طه حسين كتب هذا الكتاب بهدف نشر الوعي القومي والثقافي بين المصريين، مؤكدًا أن جوهر الكتاب كان يدور حول ترسيخ فكرة أن مصر أمة مستقلة لا تتبع أحدًا، وأنها يجب أن تبني ثقافتها وهويتها بعيدًا عن أي تبعية فكرية أو سياسية.
وأشار "حلمي النمنم" إلى أن طه حسين كان من أوائل من دعوا إلى الاستقلال الثقافي، ليس فقط على المستوى الوطني، بل على مستوى العالم العربي ككل، وهو ما يجعل هذا العمل من أهم النصوص المؤسسة للفكر الحديث في مصر.
وعي بحدة الشعوب
وأفاد "النمنم" إن من بين إسهامات طه حسين العظيمة، أنه كان أول من صكّ مصطلح "العالم العربي"، ما يعكس وعيه المبكر بضرورة وحدة الشعوب العربية ثقافيًا وفكريًا.
وأضاف الوزير الأسبق أن طه حسين لم يكن مجرد ناقد أدبي أو مفكر تقليدي، بل كان صاحب مشروع فكري متكامل يتجاوز حدود الجغرافيا ليضع أسسًا لرؤية شاملة لوحدة الأمة العربية.

دراسة اللغات الشرقية
وأكد حلمي النمنم أن طه حسين كان من أوائل المفكرين الذين دعوا إلى تعلم اللغات الشرقية، مثل الفارسية والعبرية والسريانية، باعتبارها مدخلًا لفهم أعمق للتاريخ والثقافة الشرقية. موضحًا أن هذه الدعوة كانت تعكس رؤية ثقافية منفتحة على الآخر، تنطلق من فهم التاريخ المشترك بين شعوب المنطقة.
اهتمامه بالقارة الإفريقية
كما بيًن أن طه حسين كان من الرواد الذين أولوا القارة الإفريقية اهتمامًا خاصًا، حيث دعا إلى تعزيز العلاقات الثقافية والتعليمية بين مصر ودول إفريقيا.
وأوضح حلمي النمنم أن هذا التوجه سبق عصره بسنوات طويلة، وكان بمثابة دعوة لتوسيع مفهوم الانتماء المصري ليشمل العمق الإفريقي إلى جانب العربي.
مفكر استشرافي
اختتم "النمنم" حديثه بالتأكيد على أن طه حسين كان يتمتع برؤية استشرافية فريدة، وطرح أفكارًا جريئة ومبكرة في قضايا التعليم، الهوية، والعلاقات الدولية، لكنها لم تحظَ بالاهتمام الكافي، ولم تُسلَّط عليها الأضواء كما ينبغي. مضيفًا: "طه حسين ترك إرثًا فكريًا عظيمًا يستحق أن يُعاد اكتشافه وتدريسه للأجيال الجديدة، لأنه لا يزال يحمل حلولًا لقضايا نعيشها حتى اليوم".