عاجل

«سجود القلب».. يسري جبر: حالة روحية يبلغها أصحاب النفوس المطمئنة

مناسك الحج والعمرة
مناسك الحج والعمرة

في زمن يغلب عليه التوتر والقلق، يطل علينا علماء الأزهر الشريف بتأملات روحية عميقة تساعدنا في إعادة الاتصال بجوهر الإيمان، ومن بين هذه التأملات، سلط الدكتور يسري جبر، أحد علماء الأزهر الشريف، الضوء على مفهوم سجود القلب، في حديث ملهم خلال برنامج "اعرف نبيك" المذاع على قناة "الناس"، كاشفًا عن معناه العميق، ومتى يتحقق، وما علاماته وأثره في حياة المسلم.

ما هو "سجود القلب"؟.. ليس كسجود الجبهة

أوضح الدكتور يسري جبر أن سجود القلب يختلف جذريًا عن السجود الظاهري بالجبهة في الصلاة، إذ أن الأول حالة دائمة من الخشوع والتسليم لا تنتهي بانتهاء الركعة أو الصلاة، بل تستقر في أعماق النفس وتستمر مع المؤمن طوال حياته. هو سجود لا يُرفع أبدًا، لأنه يمثل الاستسلام الكامل لله، والسكينة التي تسكن قلب المؤمن في كل لحظة.

وأضاف الدكتور يسري جبر أن هذه الدرجة من سجود القلب لا يصل إليها إلا من زكّى نفسه وبلغ مرتبة "النفس المطمئنة"، وهي المرحلة الروحية التي يرضى فيها العبد بكل ما قسمه الله له، ولا يجد في قلبه اعتراضًا أو شكًا في أحكام الله الشرعية أو القدرية.

علامات سجود القلب.. مؤشرات الطمأنينة والرضا

عدّد الدكتور يسري جبر علامات واضحة تميز من بلغ مرتبة سجود القلب، قائلاً إنها تتمثل في: "الرضا الكامل بقسمة الله في كل جوانب الحياة، القبول المطلق لأحكام الله، سواء الشرعية أو القدرية، قلة الكلام، حيث يختار المؤمن الصمت الحكيم على اللغو، كثرة الذكر، فالقلب لا يغفل عن ذكر الله حتى أثناء النوم".

تابع الدكتور يسري جبر: "حب الخير للناس، والتسامح معهم حتى في الأذى، الصبر على الأذى والابتلاء، وعدم الدعاء على المسلمين، التمسّك بحسن الظن، والبحث عن الأعذار للآخرين"، مؤكدًا أن هذه الصفات لا يمكن أن تجتمع في قلب يحمل شكًا في الله أو يعترض على حكمه، لأن مثل هذا القلب يبقى قلقًا، ممزقًا، لا يعرف الطمأنينة ولا يسكن له حال.

كيف نبلغ سجود القلب؟.. التأسي بالحبيب ﷺ هو المفتاح

أشار الدكتور جبر إلى أن الطريق إلى سجود القلب يمر عبر التأسي بسيرة النبي محمد ﷺ، الذي كان نموذجًا للرحمة والتسامح والرضا. فقد كان النبي يواسي الضعفاء، ويصل من قطعه، ويعفو عمّن ظلمه، ويتمنى الخير للناس جميعًا. حتى في نومه، لم يكن قلبه يغفل عن ذكر الله.

وختم حديثه بالدعاء قائلاً: "اللهم ارزقنا سجود القلب حتى نلقاك ونحن ساجدون لك بخضوع ومحبة ويقين".

الدكتور يسري جبر
الدكتور يسري جبر

سجود القلب.. عبادة دائمة لا يراها الناس ولكن يراها الله

في عالم يسعى كثيرون فيه للمظاهر، يبقى "سجود القلب" عبادة خفية لا يراها الناس، لكنها أغلى عند الله من آلاف الركعات الخالية من الخشوع. إنها حالة وجودية لا يبلغها إلا من عرف ربه حق المعرفة، فاطمأن لحكمه، وسلم أمره، وامتلأ قلبه بحبه ويقينه.

تم نسخ الرابط