بريرة بنت صفوان .. قصة أَمة أعطت درسًا في حرية المرأة

قصتها تحمل العديد من الدروس والعبر حول الحرية، والإصرار وكانت قريبة من السيدة عائشة رضي الله عنها، فمن هي بريرة بنت صفوان؟
من هي بريرة بنت صفوان؟
برز اسم الصحابية بريرة بنت صفوان رضي الله تعالى عنها بين عدد من الصحابيات اللاتي سنرصد بعضهن على مدار أيام شهر رمضان المبارك 2025 م/1446 هـ، حيث يستعرض موقع "نيوز رووم" قصص عدد من الصحابيات الفضليات اللائي كن نموذجًا يحتذى به لأقرانها والقرون التالية إلى قيام الساعة.
بريرة هي إحدى الصحابيات الجليلات، وقصتها تحمل العديد من الدروس والعبر حول الحرية، الكرامة، والحب الحقيقي لله ورسوله في أطراف المدينة المنورة، عاشت فتاة تُدعى بريرة بنت صفوان كانت أمةً مملوكة لآل المغيرة، تعمل في بيتهم وتُطيع أوامرهم. لكن قلب بريرة كان يفيض بالإيمان، فقد كانت مسلمة قوية النفس، تحلم بالحرية لتعبد الله دون قيد.
زواجها وفراقها من مغيث
تزوجت بريرة من غلام يُدعى مُغِيث، وكان عبدًا مثلها. أحبها مغيث حبًا عظيمًا، لكن قلب بريرة لم يكن يميل إليه، وظلت العلاقة بينهما باردة. ومع ذلك، استمرت الحياة على حالها حتى جاء يوم غيّر مجرى حياتها تمامًا.اشتاقت بريرة للحرية، وذهبت إلى السيدة عائشة رضي الله عنها، تسألها العون في مكاتبة أهلها لتحريرها. وافقت عائشة، واشترت حريتها، فأصبحت بريرة حرةً، تنطلق في حياتها دون قيود.بعد أن أصبحت حرة، خُيّرت بريرة بين البقاء مع مغيث أو فراقه.
اختارت الفراق لأنها لم تجد في قلبها ميلًا إليه، رغم حبه الشديد لها. كان مشهد مغيث مؤلمًا، فقد كان يتبعها في طرقات المدينة، يبكي ويستعطفها لتعود إليه، حتى أن النبي ﷺ شَفِق عليه.رأى النبي ﷺ حال مغيث، فشفع له عند بريرة، فقال لها: يا بريرة، لو راجعتيه؟”، لكن بريرة سألت سؤالًا مهمًا: “يا رسول الله، تأمرني بذلك؟”، فقال ﷺ: “إنما أنا شافع.”، فأجابت بقوة وثبات: “لا حاجة لي فيه.”
كرامة القلب وحرية الاختيار
رفضت بريرة العودة، ليس عن قسوة، ولكن لأنها أدركت أن الزواج لا يُبنى على الشفقة أو الضغط، بل على الحب والمودة. وقد أعطاها الإسلام حقها في اختيار ما يناسب قلبها وحياتها.أصبحت بريرة رمزًا للمرأة القوية التي تعرف حقوقها، وتعيش بإرادتها. خدمت في بيت النبي ﷺ، وكانت قريبة من السيدة عائشة، وعُرفت بالتقوى والورع.
دورها في دعم الدعوة الإسلامية
الصحابية بريرة لم تكن مجرد امرأة تحررت من العبودية، بل أصبحت نموذجًا يُحتذى به في القوة الإيمانية والثبات على الحق، وهذا جعلها تساهم بطريقتها الخاصة في دعم الدعوة الإسلامية. ورغم أن الروايات التي تتحدث عن دعوتها المباشرة قليلة، إلا أن مواقفها وأفعالها نفسها كانت دعوة حية للإسلام، تُجسد قيم العدالة، الحرية، وكرامة المرأة في الإسلام.
فحول قصتها مع زوجها مغيث، وقرارها بالانفصال، كانت درسًا عمليًا لأهل المدينة حول حرية المرأة وحقها في اختيار حياتها. هذا الموقف نفسه كان دعوة غير مباشرة للإسلام، تُظهر كيف جاء الدين ليُنصف المرأة.
وعاشت قريبة من النبي ﷺ وأم المؤمنين عائشة، وكانت شاهدة على تعامل النبي مع أهله. ما رأته من رحمته، عدله، وإنصافه جعلها تنقل هذه القيم لمن حولها. بعد حريتها، خدمت في بيت عائشة رضي الله عنها، وكان هذا مكانًا محوريًا في نشر العلم والدين.
من خلال قربها من أم المؤمنين تعلمت بريرة بنت صفوان رضي الله عنها الفقه والسنة: حيث عاشت وسط حلقات العلم، وسمعت أحاديث النبي ﷺ. نقلت العلم لغيرها: بصفتها قريبة من الصحابيات، كانت تنقل ما تعلمته عن الأحكام الشرعية، خاصة فيما يخص حقوق المرأة والأحكام المتعلقة بالعبودية والتحرر.
بريرة بنت صفوان لم تكن خطيبةً ولا عالمة، لكنها عاشت الإسلام بقلبها وجوارحها، وكانت دعوة تمشي بين الناس، تُجسد كيف يُغير الإسلام حياة الإنسان ويُعلي من قيمته. قصتها ما زالت تلهم النساء في كل العصور للسعي نحو الحرية، الكرامة، والعيش بإرادة مستقلة تحت راية الإيمان.