حين تتحول النصيحة لضرر .. تحذيرات من بعض التوجيهات الغذائية الخاطئة

في عصر أصبحت فيه منصات التواصل الاجتماعي مصدرًا رئيسيًا للمعلومة، حذرت دراسة جديدة صادرة عن مؤسسة Rooted Research من الاعتماد المفرط على النصائح الغذائية التي يروج لها المؤثرون عبر الإنترنت، مشيرةً إلى أن هذا الاتجاه المتصاعد قد يشكل تهديدًا حقيقيًا للصحة العامة، خاصة في ظل غياب الخبرة العلمية لدى عدد كبير من هؤلاء المؤثرين.
يفتقرون إلى التأهيل
تكشف الدراسة أن كثيرًا من المؤثرين يعتمدون على تجاربهم الشخصية أو على اتجاهات غذائية عابرة، دون امتلاك خلفية علمية أو مؤهل أكاديمي في مجال التغذية أو الطب، ورغم ذلك، فإنهم يقدمون أنفسهم كمصادر موثوقة أو حتى كخبراء في الصحة، مما يخلق حالة من الخلط بين المعلومات المبنية على أدلة علمية والمحتوى التسويقي أو التجريبي غير المؤكد.
ووفقًا للتقرير، تم رصد 53 حسابًا على مواقع التواصل تُصنف كمصادرالنصائح الغذائية مغلوطة، ويبلغ عدد متابعيهم مجتمعين أكثر من 24 مليون شخص. المثير للقلق أن هذه الحسابات غالبًا ما تحظى بمعدلات تفاعل مرتفعة، وتُشارك محتوى يلقى قبولًا واسعًا بين جمهور يبحث عن حلول سريعة وطرق سهلة لتحسين نمط حياته الغذائي.
نتائج سلبية
تُحذر الدراسة من أن هذا النوع من المحتوى قد يؤدي إلى آثار صحية خطيرة، أبرزها اضطرابات التغذية، ونقص في الفيتامينات والمعادن، واتباع أنظمة غذائية قاسية وغير متوازنة، كما ربط التقرير بين بعض النصائح المنتشرة ومشاعر القلق والتوتر المرتبطة بالطعام، خاصة بين فئات حساسة مثل المراهقين أو مرضى السكري واضطرابات الأكل.
ويضيف الباحثون أن المحتوى الذي يروّج للأنظمة الغذائية "المعجزة" أو المكملات غير المثبتة علميًا قد يدفع البعض إلى إهمال العلاج الطبي المناسب، والاعتماد على بدائل غير مضمونة.
ثقة في المشاهير
أحد الجوانب التي تناولتها الدراسة هو ما وصفته بـ"تحوّل الثقة"، حيث بات المستخدمون يميلون إلى تصديق من يملكون عددًا كبيرًا من المتابعين أو يستخدمون لغة جذابة، ولو على حساب الثقة بالمتخصصين الذين يعتمدون على مصطلحات علمية أو يقدمون نصائح أكثر تحفظًا.
تنظيم المحتوى الصحي
أوصت الدراسة بضرورة اتخاذ إجراءات جادة من قبل منصات التواصل الاجتماعي للحد من انتشار المعلومات الصحية المضللة، سواء من خلال فرض رقابة على المحتوى أو تقييد استخدام مصطلحات طبية دون إثبات المؤهل العلمي لصاحب المحتوى.
كما دعت إلى إطلاق حملات توعوية تستهدف فئات الشباب والمراهقين، لتثقيفهم حول كيفية التحقق من مصادر المعلومات وتمييز المحتوى العلمي من الدعاية التسويقية، مع تعزيز دور المختصين في الحضور الرقمي لتقديم محتوى موثوق وجذاب في آنٍ واحد.
الفصل بين المصداقية والشهرة
شددت Rooted Research على ضرورة إعادة النظر في معايير الثقة الرقمية، مؤكدةً أن الشهرة لا تعني الموثوقية، وأن التأثير الإيجابي الحقيقي لا يأتي من عدد المتابعين، بل من مصداقية المعلومة وسلامة مصدرها، خاصة حين يتعلق الأمر بصحة الإنسان وسلامته.