ما حكم ترك صيام يوم عرفة؟.. وهل تجب الكفارة على المريض؟

مع اقتراب يوم عرفة، يتساءل العديد من المسلمين عن حكم ترك صيام هذا اليوم الفضيل، خاصة لمن لا يستطيع الصيام بسبب المرض أو ظروف صحية خارجة عن إرادته، وقد ورد سؤال إلى دار الإفتاء المصرية حول ما إذا كان يُطلب ممن لا يصوم يوم عرفة إخراج كفارة، كما هو الحال في شهر رمضان.
وفي هذا السياق، أجاب الشيخ عويضة عثمان، أمين الفتوى بدار الإفتاء، على هذا التساؤل موضحًا الحكم الشرعي وما يترتب على ترك الصيام في هذا اليوم.
صيام يوم عرفة.. سنة مؤكدة وليس فرضًا
أكد أمين الفتوى، خلال لقائه في برنامج "فتاوى الناس" المذاع على قناة "الناس"، أن صيام يوم عرفة من أعظم القُربات إلى الله تعالى، ولكنه ليس فرضًا شرعيًا، بل هو من السنن المؤكدة التي حثّ عليها النبي صلى الله عليه وسلم لمن استطاع إليها سبيلًا.
وأوضح أن المسلم إذا ترك صيام يوم عرفة، فلا إثم عليه، ولا كفارة مطلوبة منه، لأنه لم يترك فريضة، بل سنة، ويكون ذلك مؤكدًا إذا كان لديه عذرٌ شرعي مثل المرض أو ضعف الجسم.
لا كفارة في صيام التطوع
شدد الشيخ عويضة عثمان على أن صيام النوافل – ومن ضمنها يوم عرفة – لا يُلزم من لم يصمه بأي كفارة أو فدية، لأن الكفارات في الشريعة تكون فقط على ترك الواجبات، مثل صيام رمضان أو كفارات الأيمان أو غيرها من الأمور المنصوص عليها.
وأضاف: "من لم يستطع الصيام في يوم عرفة لعذرٍ مرضي أو مشقة شديدة، فلا يُكلَّف بشيء. وهذا من رحمة الله، فالصيام في هذا اليوم مستحب، وليس فرضًا، ولا يُكتب على العبد إثم إن تركه، خاصة مع وجود سبب يمنعه".
فضل يوم عرفة.. يوم يغفر الله فيه الذنوب
ورغم عدم وجوب الصيام فيه، أشار الشيخ إلى أن يوم عرفة له فضل عظيم لا ينبغي أن يُفوّت لمن استطاع إليه سبيلًا، موضحًا أن النبي ﷺ قال: "صيام يوم عرفة أحتسب على الله أن يكفّر السنة التي قبله والسنة التي بعده".
وهذا يدل على عظمة هذا اليوم من حيث الأجر والمغفرة، وهو يوم يُستحب فيه الإكثار من الأعمال الصالحة، وخاصة الدعاء والذكر والتكبير والاستغفار، فضلًا عن الصيام لمن كان قادرًا عليه.
لا يُستحب صيامه للحاج
لفت أمين الفتوى إلى أن صيام يوم عرفة لا يُستحب للحاج، لأن النبي ﷺ لم يصمه أثناء حجه، حتى يتقوّى على الوقوف بعرفة وأداء المناسك، وهو ما أجمع عليه العلماء.
بينما يُستحب الصيام فيه لغير الحجاج من المسلمين المقيمين القادرين على الصوم، لما فيه من الأجر العظيم وتكفير الذنوب.
هل يُؤجر من لم يصمه لعذر؟
أوضح الشيخ عويضة أن من كانت لديه نية صادقة لصيام هذا اليوم ولم يتمكن لعذرٍ خارج عن إرادته، فإن الله يكتب له الأجر كاملًا، استنادًا إلى الحديث النبوي:
"إنما الأعمال بالنيات، وإنما لكل امرئ ما نوى"
وأكد أن النية الصادقة في الإسلام لها مكانة عظيمة، والله تعالى يعلم ما في القلوب، ويُثيب العبد على قدر إخلاصه حتى لو لم يستطع تنفيذ العمل.
حكم من لا يقدر على صيام النوافل مطلقًا
في السياق نفسه، أكد أمين الفتوى أن من لم يقدر على صيام التطوع مثل يوم عرفة وأيام العشر الأوائل من ذي الحجة، فلا شيء عليه على الإطلاق، ولا يُطالب بأي تعويض مادي أو كفارة أو صدقة.
فالشريعة الإسلامية بُنيت على اليسر ورفع الحرج، وقد قال الله تعالى في كتابه الكريم: "لا يُكلّف الله نفسًا إلا وسعها"
لا كفارة ولا إثم على ترك صيام عرفة
اختتم الشيخ عويضة عثمان فتواه بالتأكيد على أن من ترك صيام يوم عرفة لا يَأثم ولا يُطلب منه كفارة، سواء كان تركه لعذرٍ كمرض أو لم يصمه باجتهاد منه، لكنه فقط يفوّت على نفسه الأجر الكبير المرتبط بهذا اليوم، مشيرًا إلى أهمية تعويض ذلك بذكر الله والدعاء والعمل الصالح.