حكم إمامة المحدث للمصلين ناسيا.. هل تعاد الصلاة للمأمومين؟

طرحت دار الإفتاء سؤالا عبر صفحتها الرسمية على فيسبوك تقول فيه :ما حكم الصلاة عند إمامة المحدث للناس ناسيًا؟ وهل تلزم المأمومين إعادة الصلاة؟
حكم إمامة المحدث
وعن حكم إمامة المحدث، أجابت دار الإفتاء عن هذا السؤال قالة: إذا أخبر الإمام بعد انتهاء الصلاة أنه صلَّى بالمأمومين وهو مُحْدِثٌ فتلزمه هو الإعادة دونهم، وهذا هو مذهب جمهور الفقهاء من المالكية والشافعية والحنابلة خلافًا للسادة الحنفية، ومن أعاد صلاته من المأمومين ففعله صحيحٌ أيضًا ولا حَرَج عليه، وهو موافقٌ لمذهب الحنفية، وننبه إلى أنه لا مجال لجعل المسائل الخلافية سبيلًا للانقسام أو الشقاق؛ إذ الجميع مأجور في مسائل الاجتهاد.

حكم إمامة الصبي لصبي مثله في صلاة الفرض والنافلة
نصَّ جمهور الفقهاء من الحنفية والمالكية والشافعية والحنابلة على صحة إمامة الصبي لمثله في الصلوات المكتوبة والنوافل.
قال الإمام بدر الدين العيني الحنفي في "منحة السلوك" (ص: 168، ط. أوقاف قطر): [(ويصح اقتداء الصبي بالصبي)؛ لأنهما متنفلان، فيصح اقتداء المتنفل بالمتنفل] اهـ.
وقال العلامة ابن عابدين الحنفي في "رد المحتار": [وأما غير البالغ؛ فإن كان ذكرًا: تَصِحُّ إمَامَتُهُ لِمِثْلِهِ من ذكرٍ وأنثى وخنثى، وَيَصِحُّ اقْتِدَاؤُهُ بِالذَّكَرِ مطلقًا فقط.. هذا ما ظهر لي أخذًا من القواعد] اهـ.
وقال الإمام الخرشي المالكي في "شرح مختصر خليل": [(ص) وصبي بمثله. (ش) أي: ويجوز للصبي أن يَؤُمَّ أمثاله مِن الصبيان] اهـ.
وقال الإمام الدسوقي المالكي في "حاشيته على الشرح الكبير" : [وأما إمامته -أي: الصبي- لِمِثْلِهِ: فجائزةٌ ولو في فرض] اهـ.
وقال العلامة ابن الرفعة الشافعي في "كفاية النبيه" (: [إمامة الصبي جائزة في الصلوات، وذلك ممَّا لا خلاف فيه عندنا، إلا في الجمعة] اهـ. فأفاد صحة إمامة الصبي لمثله من الصبيان مِن باب أَوْلَى.
وقال الإمام ابن قدامة الحنبلي في "الكافي" : [الصبي: تصحُّ إمامته بمثله؛ لأنه بمنزلته] اهـ.
وقال العلامة الرحيباني الحنبلي في "مطالب أولي النهى" : [(و) تصحّ إمامة صبيّ (في فرض بمثله) أي: صبي؛ لأنَّها نفل في حق كل منهما] اهـ.

إمامة المرأة في الصلاة
تعتبر مسألة إمامة المرأة في الصلاة من المسائل الفقهية التي تثير جدلا واسعا بين العلماء المسلمين. هذه القضية تتراوح بين الرأي القائل بجواز إمامة المرأة للنساء فقط، وآراء أخرى تحدد نطاقًا معينًا لإمامة المرأة في الصلاة، خصوصًا في حالة إمامة الرجال.
رأي دار الإفتاء
من جانبها، أكدت دار الإفتاء أن إمامة المرأة للنساء في الصلاة جائزة شرعًا، ولا يوجد خلاف في ذلك بين العلماء. وأوضحت الدار أن هذا الحكم مستند إلى ممارسات الصحابيات في عهد النبي صلى الله عليه وسلم، مثل عائشة رضي الله عنها التي كانت تؤم النساء في بعض الأحيان.
وقد استندت دار الإفتاء إلى حديث أم ورقة رضي الله عنها، التي كانت تؤم أهل بيتها في الصلاة بناءً على إذن النبي صلى الله عليه وسلم. ومن هنا، فإن إمامة المرأة للنساء تعتبر من السنن الشرعية التي يجوز للمرأة القيام بها في الحالات العادية.
إمامة المرأة للرجال
أما بالنسبة لـ إمامة المرأة للرجال، فإن الأمر يختلف بين العلماء. هنا يظهر تباين واضح في الآراء الفقهية بين المذاهب الإسلامية، وذلك بناء على مجموعة من الاعتبارات الفقهية والشرعية.
رأي جمهور الفقهاء
يرى جمهور الفقهاء من المذاهب الأربعة (الحنفي، المالكي، الشافعي، والحنبلي)، أن إمامة المرأة للرجال في الصلاة غير جائزة. واستندوا في ذلك إلى الأدلة الشرعية التي تشير إلى تفضيل الرجال في الإمامة، وذلك تأسيسًا على الحديث الشريف الذي ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم: "لن يفلح قومٌ ولَّوا أمرهم امرأةً." (رواه البخاري).
وفي هذا السياق، يرى الفقهاء أن الإمامة يجب أن تكون من نصيب الرجال في المساجد، خصوصًا في الصلوات الجماعية التي يشارك فيها الرجال والنساء معًا. كما أن بعض الفقهاء استندوا إلى وجود تفضيل في الأحكام بين الرجال والنساء في بعض المسائل مثل إمامة الصلاة.

رأي الإمام أبو حنيفة
يذهب الإمام أبو حنيفة في رأي مغاير، إلى أنه يمكن إمامة المرأة للرجال في بعض الحالات الخاصة، ولكن مع شرط قلة الرجال، أو إذا كانوا لا يستطيعون أداء الصلاة بشكل جماعي، حيث يمكن للمرأة أن تؤمهم في هذه الحالات.
وأكدت دار الإفتاء أن إمامة المرأة للرجال في الصلاة، غير جائزة، استنادًا إلى الأدلة الشرعية التي توضح أفضلية الرجال في الإمامة في الصلاة الجماعية. وأوضحت الدار أن الإمامة في الصلاة تعد من الوظائف التي خص بها الرجال وفقًا للنصوص الشرعية، حيث ورد في الحديث النبوي الشريف: "لن يفلح قومٌ ولَّوا أمرهم امرأة" (رواه البخاري).
خلاصة الرأي الفقهي
• إمامة المرأة للنساء جائزة بلا خلاف بين المذاهب.
• إمامة المرأة للرجال لا تجوز عند جمهور العلماء من المذاهب الأربعة، باستثناء بعض الآراء الفقهية الخاصة التي تظهر في بعض المدارس الحديثة.
• يظل التيسير والمرونة في التعامل مع هذه المسائل معتمدًا على الزمن والظروف، مع الالتزام بالأحكام الشرعية