مفيدة في حال تناولها باعتدال: كيف تؤثر القهوة على مقاومة الأنسولين؟

القهوة سحرٌ لا يُضاهى، وسرٌّ لا يُكتشف بسهولة، لكن يمكن الاستمتاع به صباحًا ومساءً، في كل وقتٍ ومكان.
يُطلق عليها "الساحرة السوداء" و"معشوقة الجماهير"، وهي من أكثر المشروبات استهلاكًا في العالم بعد الماء. فالقهوة، المُحضَّرة من بذور البن المحمصة والمطحونة، تتربع على عرش المزاج، وتُرافق الملايين في يومهم.
وللقهوة، عند تناولها باعتدال، فوائد صحية ونفسية كثيرة: من تعزيز النشاط الذهني، ورفع معدلات الأيض، إلى تقليل خطر الإصابة بأمراض مزمنة مثل السكري من النوع الثاني وأمراض القلب وبعض أنواع السرطان، بفضل ما تحتويه من مضادات أكسدة قوية ومركبات فعالة.
في هذا التقرير، نسلّط الضوء على العلاقة بين القهوة ومقاومة الأنسولين، ونستعرض ما أوضحه الدكتور وائل برو، استشاري طب الأسرة في مجموعة مستشفيات الإمارات، حول هذا الموضوع الحيوي.
ما هي مقاومة الأنسولين؟
مقاومة الأنسولين تعني أن خلايا الجسم لا تستجيب بالشكل الطبيعي لهرمون الأنسولين، المسؤول عن إدخال الجلوكوز إلى الخلايا لاستخدامه كمصدر طاقة. وعندما تقل هذه الاستجابة، يفرز البنكرياس كميات أكبر من الأنسولين للتعويض، ما يُجهده تدريجيًا، ويؤدي إلى ارتفاع السكر في الدم، وزيادة خطر الإصابة بالسكري من النوع الثاني.
القهوة... أكثر من مجرد كافيين
يظن البعض أن القهوة مجرد كافيين، لكنها في الحقيقة تحتوي على أكثر من 1000 مركب نشط، أبرزها:
- الكافيين: المُحفّز العصبي الأشهر.
- حمض الكلوروجينيك: مضاد أكسدة يقلل الالتهابات ويحسن الأيض.
- البوليفينولات: مركبات نباتية تساهم في تحسين استجابة الجسم للأنسولين.
- المغنيسيوم والبوتاسيوم: معادن تساعد في استقرار مستويات السكر وتعزيز التمثيل الغذائي.
التأثير القصير والطويل للقهوة على مقاومة الأنسولين
تشير دراسات إلى أن الكافيين أن التأثير قصير المدى قد يُقلل من حساسية الجسم للأنسولين، خاصةً عند:
- شرب القهوة على معدة فارغة.
- تناولها بتركيز عالٍ من الكافيين.
- أو مصاحبتها لوجبة غنية بالكربوهيدرات.
وهذا قد يؤدي إلى ارتفاع مؤقت في مستويات السكر لدى بعض الأشخاص، خصوصًا المصابين بمقدمات السكري.
التأثير طويل المدى:
وهنا المفاجأة. يقول الدكتور برو:"تناول القهوة بانتظام (2–3 أكواب يوميًا) مرتبط بانخفاض خطر الإصابة بالسكري من النوع الثاني بنسبة تصل إلى 30%، وتشمل هذه الفائدة حتى القهوة منزوعة الكافيين."
ويعود ذلك إلى دور مضادات الأكسدة في القهوة التي:
- تقلل الالتهاب.
- تحسّن من استجابة الجسم للأنسولين.
- تحمي خلايا البنكرياس من التلف.
هل يهم نوع القهوة؟
نعم، نوع القهوة وطريقة تحضيرها يؤثران على فائدتها:
- القهوة المفلترة: الأفضل صحيًا، حيث تزيل مركبات قد ترفع الكوليسترول.
- القهوة التركية أو الفرنسية: قد تُسبب ارتفاع الكوليسترول عند الإفراط.
- القهوة السريعة (3×1): تحتوي على سكريات ودهون تُضعف استجابة الجسم للأنسولين.
- القهوة منزوعة الكافيين: تحتفظ بالفوائد دون آثار الكافيين.
من الأكثر تأثرًا بتأثيرات القهوة؟
- الأشخاص ذوو التمثيل البطيء للكافيين (وراثيًا).
- من يعانون من مقاومة أنسولين أو مقدمات السكري.
- من يعانون من التوتر أو اضطرابات النوم.
توصيات طبية لتناول القهوة
"القهوة ليست ضارة إذا تناولناها بعقلانية. الأفضل تناول القهوة السوداء بعد الوجبات دون سكر أو كريمة، مع مراقبة تأثيرها على مستويات السكر، خاصةً لدى مرضى السكري."
نصائح عملية للاستمتاع بالقهوة دون الإضرار بصحتك
- لا تتناولي القهوة على معدة فارغة.
- تجنّبي إضافة السكر، الكريمة، أو المنكهات الصناعية.
- اختاري القهوة المفلترة أو منزوعة الكافيين إذا كنتِ حساسة للكافيين.
- لا تتجاوزي 2–3 أكواب في اليوم.
- اشربي القهوة بعد الأكل، لا قبله.
- راقبي نسبة السكر في الدم إن كنتِ تعانين من مقدمات السكري.
القهوة ليست "جيدة" أو "سيئة" بطبيعتها، بل إن طريقة تحضيرها وتناولها هي ما يجعلها صحية أو لا. وإذا ما تم شربها باعتدال، فإنها قد تكون وسيلة فعالة ضمن أسلوب حياة صحي، حتى للأشخاص المعرّضين للإصابة بالسكري. الاعتدال، الوعي، والمتابعة الطبية هي المفاتيح الذهبية للاستفادة من هذا المشروب السحري.