نصائح الحجاج في عرفة 2025.. إرشادات طبية ودينية لأداء المناسك بأمان

مع اقتراب يوم عرفة، الركن الأعظم في شعائر الحج، تتزايد تساؤلات الحجاج والمقبلين على أداء المناسك عن أفضل الإرشادات الصحية والدينية التي ينبغي الالتزام بها في هذا اليوم العظيم، فهو ليس مجرد يوم في التقويم الهجري، بل هو يوم تتنزل فيه الرحمات، وتُغفر فيه الذنوب، وتُفتح فيه أبواب السماء للدعاء، لذا يستحق الاستعداد له روحياً وبدنياً على أكمل وجه.

وفي هذا السياق، يستعرض التقرير التالي مجموعة شاملة من النصائح الدينية والطبية الضرورية للحجاج في يوم عرفة 2025، مقدمة من كبار العلماء والأطباء، لضمان سلامة الجسد وصفاء الروح في آنٍ واحد.

الفضل العظيم 

أوضح الدكتور أحمد ممدوح، أمين الفتوى بدار الإفتاء المصرية، أن يوم عرفة هو أعظم أيام الدنيا، ويُطلق عليه "يوم الحج الأكبر"، استناداً إلى حديث النبي صلى الله عليه وسلم: "الحج عرفة"، فمن لم يدرك الوقوف بعرفة، لم يدرك الحج، إذ إنه ركن لا يُعوّض ولا يُجبر بهدي أو ذبح.

ويتابع الشيخ ممدوح، موضحًا أن الحجاج في هذا اليوم يقفون في مشهدٍ مهيب، متجردين من الدنيا، موحدين بكلمة التوحيد، متساوين في الهيئة والمقصد، يرفعون أكف الدعاء لطلب المغفرة والرحمة، متطلعين للعودة إلى بلادهم وقد مُحيت ذنوبهم، وفتح الله لهم صفحة بيضاء جديدة.

واستشهد بقوله صلى الله عليه وسلم: "من حج فلم يرفث ولم يفسق، رجع كيوم ولدته أمه"، مؤكداً أن هذا اليوم ليس مناسبة عابرة، بل فرصة نادرة قد لا تتكرر في عمر الإنسان إلا مرة واحدة.

مكانة الأيام العشر من ذي الحجة

لم ينس الدكتور ممدوح أن يذكر بمكانة الأيام العشر الأولى من شهر ذي الحجة، والتي يندرج ضمنها يوم عرفة، فهي أفضل أيام العام على الإطلاق.

وقد قال فيها النبي صلى الله عليه وسلم: "ما من أيام العمل الصالح فيها أحب إلى الله من هذه العشر"، كما أقسم الله بها في قوله تعالى: "والفجر، وليالٍ عشر"، وهي إشارة قرآنية إلى عظمة هذه الأيام المباركة.

مناسك الحجاج 

يبدأ الحجاج رحلتهم الروحية في الثامن من ذي الحجة، حيث يتوجهون للمبيت في منى، ثم ينطلقون في صباح التاسع إلى عرفات، وهناك، يبيتون في الخيام أو يقفون في الخلاء متضرعين إلى الله، حتى غروب الشمس، وهو الموعد الشرعي لنهاية الوقوف بعرفة.

ولذلك، شدد الدكتور ممدوح على أهمية اغتنام هذا اليوم الفريد في التقرب إلى الله، من خلال الذكر، والاستغفار، والدعاء، وتلاوة القرآن، والتوبة النصوح.

إرشادات صحية 

في ظل ارتفاع درجات الحرارة المتوقع خلال موسم الحج لعام 2025، تأتي التحذيرات الطبية لتؤكد ضرورة الانتباه إلى الجانب الصحي والبدني، بجانب الاهتمام الروحي.

وقد أكد الدكتور أشرف عمر، أستاذ أمراض الكبد والجهاز الهضمي والمناظير، أن الحجاج مهددون بالإصابة بـ"ضربة الشمس"، أو ما يُعرف بـ"الضربة الحرارية"، والتي تحدث نتيجة التعرض لفترات طويلة لأشعة الشمس أو لدرجات حرارة مرتفعة، حتى في الظل.

وأشار إلى أن أعراض الضربة الحرارية قد تبدأ بفقدان سوائل الجسم نتيجة التعرق الشديد، مما يؤدي إلى نقص في الصوديوم والبوتاسيوم، وهو ما يؤثر مباشرة على الجهاز العصبي والقلب، وقد يُعرض حياة الحاج للخطر.

كيفية الوقاية من ضربات الشمس 

نصح الدكتور عمر بعدد من الإرشادات الحيوية، على رأسها:

• الحرص على شرب كميات كبيرة من المياه والسوائل باستمرار، مع الاعتماد على العصائر الطبيعية قليلة السكر.
• الابتعاد عن التعرض المباشر لأشعة الشمس، واستخدام المظلات أو القبعات الواقية.
• البقاء داخل الخيام المكيفة قدر الإمكان، خاصة لكبار السن والمرضى.
• عدم بذل مجهود بدني زائد في ساعات الذروة، للحفاظ على طاقة الجسم.
• ارتداء ملابس قطنية خفيفة ذات ألوان فاتحة.

ويضيف أن الحاج إذا شعر بأعراض مثل الدوخة، الصداع الشديد، التعرق المفرط ثم انقطاع التعرق، فيجب عليه فوراً التوجه لأقرب نقطة طبية لتلقي الإسعافات الأولية.

تنبيه هام 

من الجوانب التي يغفل عنها البعض أن الخيمة الموجودة داخل حدود عرفات تُعد مكانًا شرعيًا للوقوف، ولا يُشترط الصعود إلى جبل عرفات ذاته.

ويؤكد الدكتور عمر، أن بعض الحجاج يصابون بضربات شمس لأنهم يتركون الخيام المجهزة ويتوجهون إلى الجبل تحت الشمس، مما يعرّضهم للخطر.

وينصح الراغبين في الدعاء عند الجبل بأن يذهبوا بعد الفجر مباشرة ثم يعودوا إلى خيامهم، خاصة كبار السن، لتفادي أية مضاعفات صحية.

الوقاية من العدوى

من أهم التوصيات الطبية أيضًا:

• ارتداء الكمامات الطبية في الأماكن المزدحمة التي لا تتعارض مع الشرع.
• تجنب الانتقال المفاجئ بين الأماكن المكيفة والحرارة المرتفعة.
• حمل أدوية الطوارئ مثل خافضات الحرارة، مضادات الإسهال، وأدوية الجهاز التنفسي.
• كما يُفضل أن يحتفظ كل حاج بحقيبة صحية صغيرة بها الأدوية اللازمة له، خاصة مرضى السكر، الضغط، القلب، والمصابين بأمراض مزمنة.

نصائح دينية 

من جهة أخرى، شدد الدكتور أحمد ممدوح على أهمية استثمار الوقت في يوم عرفة في الطاعة والعبادة، وعدم الانشغال بأي أمر دنيوي يمكن تأجيله.

ونبّه إلى أن الله سبحانه وتعالى وعد من صام يوم عرفة من غير الحجاج أن يُغفر له ذنوب سنة ماضية وسنة قادمة، فما بالك بمن يقف على صعيد عرفات.

كما شدد على أن الله لا يرد عبداً دعاه بيقين، وأن سوء الظن بالله من أكبر الذنوب في هذا اليوم المبارك، داعيًا الحجاج إلى الإكثار من التلبية والدعاء والتضرع والنية الصادقة بالتوبة.

نصائح عملية 

ولضمان أداء المناسك بسلامة وطمأنينة، إليكم أهم النصائح الطبية والدينية مجمعة:

الحرص على تناول السوائل والعصائر الطبيعية طوال اليوم.

استخدام المظلات وتجنب الشمس قدر الإمكان.

• المكوث داخل الخيام خاصة وقت الظهيرة.
• حمل الأدوية الشخصية وأدوات الإسعاف الأولي.
• عدم الانشغال بالهاتف أو وسائل التواصل.
• تركيز القلب واللسان على الذكر والدعاء.
• الدعاء للنفس وللأهل ولمن أوصى بالدعاء.
• الابتعاد عن المحظورات والتمسك بأعمال الحج.
• الإيمان بأن الله يغفر الذنوب مهما عظمت، وأنه لا يرد عبداً صادقًا.