العفو عند المقدرة.. الأزهر يوضح ضوابط الدعاء على الظالم

في حديث يحمل رسالة روحانية سامية، أوضحت الدكتورة هبة إبراهيم، عضو مركز الأزهر العالمي للفتوى الإلكترونية، أن الإسلام لا يُنكر وجع المظلوم، لكنه يُوجهه إلى الطريق الأمثل للمطالبة بحقه فيما يتضمن ضوابط الدعاء على الظالم، بما يحفظ نقاء القلب ويعزز قيمة الصفح، العفو عند المقدرة.
جاء ذلك خلال لقائها مع الإعلامية سالي سالم، في برنامج "حواء" المذاع على قناة الناس، اليوم الأحد، حيث تحدثت الدكتورة هبة إبراهيم عن كيفية تعامل المسلم مع الظلم وتحديدًا ضوابط الدعاء على الظالم، خصوصًا في الأوقات التي يسعى فيها إلى تطهير قلبه، كأيام الحج والمناسبات الإيمانية الكبرى.
ضوابط الدعاء على الظالم
قالت الدكتورة هبة إبراهيم في ضوابط الدعاء على الظالم:احنا مش بننكر الوجع، ومش بنقول إنك ما عندكش حق، لكن بنسأل: تطلب حقك من ربنا إزاي؟"
وأضافت أن الإسلام أجاز للمظلوم أن يشكو لله ويطلب نصرته في مضمون الدعاء على الظالم، لكنه في الوقت نفسه حثّ على الصفح والعفو، خاصة في اللحظات التي يُرجى فيها القرب من الله والوصول إلى حالة من الصفاء النفسي والروحي.
العفو فضيلة عظيمة.. وأجره عند الله
أشارت الدكتورة هبة إبراهيم إلى أن الصفح عن الظالم لا يعني التخلي عن الحق، بل هو درجة إيمانية رفيعة، قائلة:"لو قدرت تسامح، فأنت صاحب فضل عظيم، لأن ربنا قال: (فمن عفا وأصلح فأجره على الله)".
وشددت لدكتورة هبة إبراهيم على أن العفو لا يُطلب من كل إنسان تجنبًا الدعاء على الظالم، لكن من يقدر عليه ويختاره، فإن أجره عند الله عظيم ولا يضيع.
الشكوى إلى الله دون تسميته
وعن آداب الدعاء على من ظلمك، أوضحت الدكتور هبة إبراهيم أنه لا يُستحب الدعاء بأسماء محددة أو قطع الأرحام في لحظات الغضب، بل الأفضل أن يقول المسلم: "حسبي الله ونعم الوكيل، وفوّضت أمري لله الذي لا يضيع عنده الحق".
فهذا التفويض هو قمة الإيمان واليقين بأن الله يعلم الوجع والظلم وسيعيد الحقوق.
النبي صلى الله عليه وسلم قدوة
ولفتت الدكتورة هبة إلى موقف النبي محمد صلى الله عليه وسلم في الطائف، حين تعرض للأذى الشديد من أهلها، لكنه لم يدعُ عليهم، بل قال:"لعل الله يُخرج من أصلابهم من يعبد الله".
وأوضحت أن هذا النموذج النبوي يُعلمنا رحابة القلب وسعة الصدر، حتى في أشد المواقف ظلمًا وقسوة.
الدعاء بالهداية قد يكون سببًا

اختتمت الدكتورة حديثها برسالة ملهمة لكل مظلوم، قائلة: "ادعي إن ربنا يرد لك حقك، ويهدي من ظلمك، ويمكن يكون دعاؤك ده سبب في تغيير حياته، وربنا لا يظلم أحدًا أبدًا، وهو الأعلم بوجعك وحقك، وحيجيب لك حقك في الدنيا أو الآخرة".
فالدعاء الخالص لله، بعيدًا عن الكراهية والتشفي، هو طريق نور وهداية وسلام داخلي---
الإسلام لا يمنع الشكوى، لكنه يعلّمنا كيف نشكو بعقل وقلب مؤمن. العفو ليس ضعفًا، بل قوة نفس وإيمان عميق بعدالة السماء، وكل من تعرض للظلم له أن يختار: إما الدعاء باسترداد حقه، أو العفو ابتغاء مرضاة الله، وفي الحالتين الحق محفوظ عند من لا يظلم مثقال ذرة.