هل عصى "آدم" ربه حقًا؟.. تفسير يرفع اللبس ويؤكد عصمة الأنبياء

أكد الدكتور يسري جبر، من علماء الأزهر الشريف، أن الآية الكريمة: "وعصى آدم ربه فغوى" لا تقدح في عصمة نبي الله آدم عليه السلام، موضحًا أن الأنبياء معصومون عن المعصية المتعمدة، وأن إرادة مخالفة أمر الله عن علم وعمد لا تخطر على بالهم من الأساس.
وأضاف الدكتور يسري جبر، خلال حديثه في برنامج "أعرف نبيك" على قناة "الناس"، أن ظاهر الأنبياء بشر مثلنا، لكن باطنهم نقي كالملائكة، مشيرًا إلى أن هذا هو ما استقر عليه اعتقاد عامة المسلمين من قديم.
نسيان النبي آدم
أوضح الدكتور يسري جبر أن القرآن الكريم سبق أن ذكر حال آدم في قوله تعالى: "ولقد عهدنا إلى آدم من قبل فنسي ولم نجد له عزما"، مشيرًا إلى أن أكل آدم من الشجرة لم يكن عن تعمد أو إصرار، بل كان نسيانًا، وهو ما لا يناقض العصمة، لأن الله لا يؤاخذ عباده على ما فعلوه عن غفلة أو سهو.
وأكد "جبر" أن العصيان المقصود في الآية ليس من قبيل الذنب المتعمد، بل بحسب شريعة آدم عليه السلام التي كان فيها النسيان مؤاخذًا عليه، بخلاف شريعة النبي محمد صلى الله عليه وسلم، التي رفعت المؤاخذة عن الخطأ والنسيان والإكراه، كما في الحديث النبوي: "إن الله تجاوز عن أمتي الخطأ والنسيان وما استُكرهوا عليه."
الفرق بين التشريعات
ولفت إلى ضرورة التمييز بين التشريعات، مؤكدًا أن ما يُعد ذنبًا في شريعة نبي قد لا يكون كذلك في شريعة أخرى، ففعل آدم عليه السلام عُدّ "معصية" وفقًا لشرعه، أما في شريعتنا فلا يعد ذنبًا لأنه وقع عن نسيان.
وأضاف "جبر" أن هذا الفهم ينسجم مع عدل الله ورحمته، ويدل على أن العصمة لا تعني غياب البشرية عن الأنبياء، بل تعني عدم الإصرار على الذنب أو الوقوع فيه عن قصد ومعرفة.
الأكل من الشجرة
وأكد أن حادثة أكل "آدم" من الشجرة كانت مفتاحًا لتحقيق قدر الله في بدء الخلافة في الأرض، إذ قال الله تعالى: "إني جاعل في الأرض خليفة"، فلو لم يأكل من الشجرة لبقي في الجنة، ولم تبدأ مهمة الإعمار في الأرض.
مشيئة الله
وأفاد الدكتور يسري جبر أن هذا الفعل كان جزءًا من مشيئة الله، التي أخرجت آدم من الجنة لتبدأ رحلة الإنسانية في الأرض، وينشأ منها الأنبياء والأولياء والصالحون، مما يدل على أن الفعل لم يكن نقضًا للعصمة، بل تمهيدًا لرسالة أعمق وأشمل.

دعوة لحسن الظن
وفي ختام حديثه، وجه الدكتور جبر رسالة للمسلمين قائلاً: "إياك أن تسيء الظن بأبيك آدم، فهو نبي معصوم، وما كان منه لم يكن عن عمد، بل عن نسيان".
وشدد على أن العصمة لا تعني الخلو من النسيان أو الخطأ غير المتعمد، بل تعني الصفاء الكامل من المعصية العمدية، قائًلا: "لو لم يأكل آدم من الشجرة، ما كنا نحن هنا، وما كانت الخلافة في الأرض، فالحكمة الربانية كانت خلف هذا الحدث العظيم".