هشام الجمل: مصر تُعيد رسم خريطة الطاقة المتجددة |حوار

10 مليارات دولار استثمارات متجددة في مصر خلال 5 سنوات
%42 كهرباء خضراء بحلول 2030 بدعم من الدولة والقطاع الخاص
إنفينيتي: 220 محطة لشحن السيارات الكهربائية في مصر
الهيدروجين الأخضر.. خطوة مصرية نحو تصدير الطاقة لأوروبا
في وقت تتجه فيه أنظار العالم نحو الطاقة، المتجددة كخيار استراتيجي لمستقبل أكثر استدامة، تبرز مصر كلاعب محوري في هذا المجال، خاصة في مشروعات الطاقة الشمسية. وفي قلب هذه التحولات يقف المهندس هشام الجمل، رئيس مجلس إدارة جمعية مستثمري الطاقة الشمسية بـ"بنبان"، ومدير عام شركة "إنفينيتي" للطاقة، أحد أبرز العاملين في هذا القطاع. في هذا الحوار، نفتح معه ملفات الاستثمار في الطاقة النظيفة، والتحديات التي تواجه القطاع، ورؤيته لمستقبل الطاقة في مصر والمنطقة:
ملف الطاقة النظيفة
س: في البداية، نود أن نعرف من حضرتكم بشكل عام: إلى أين وصل وضع الطاقة الجديدة والمتجددة في مصر؟
ج: مصر تشهد حاليًا نقلة نوعية غير مسبوقة في مجال الطاقة الجديدة والمتجددة، سواء كانت الطاقة الشمسية أو طاقة الرياح. هذا يأتي في إطار توجه الدولة نحو الاقتصاد الأخضر والتحول للطاقة النظيفة. بدأنا بمشروعات كبرى، أبرزها مجمع بنبان للطاقة الشمسية في أسوان، والذي شكل بوابة مهمة لدخول الاستثمارات الأجنبية والمحلية في هذا القطاع، بالتعاون مع وزارة الكهرباء والطاقة.
مشروع بنبان
س: هل يمكن أن توضح لنا تفاصيل مشروع "بنبان"؟
ج: بالطبع. مجمع "بنبان" يضم 32 شركة ومحطة لتوليد الطاقة الشمسية، بإجمالي قدرات إنتاجية تقترب من 1465 ميجاوات، ومن المستهدف الوصول إلى نحو 1700 ميجاوات، وهو ما يعادل نحو 80% من إنتاج السد العالي. المشروع بدأ تشغيله فعليًا منذ حوالي خمس سنوات، باستثمارات تتجاوز 2 مليارو200مليون دولار، بمشاركة بنوك دولية مثل مؤسسة التمويل الدولية (IFC) والبنك الأوروبي لإعادة الإعمار والتنمية.
فرص عمل
س: هل وفر المشروع فرص عمل؟
ج: نعم، وفر نحو 2000 فرصة عمل مباشرة، بالإضافة إلى 2000 فرصة غير مباشرة. إلى جانب ذلك، حقق المشروع عوائد اقتصادية جيدة، وسعر تعريفة جاذب للمستثمرين. كما ساهم في تقليل استهلاك الغاز وخفض الانبعاثات الكربونية، بما يعادل الأثر البيئي لزراعة نحو 700 ألف شجرة.
س: ما المرحلة التي وصل إليها المشروع حاليًا؟
ج: المشروع حاليًا في مرحلة التشغيل والصيانة. وقد تم تأسيس "جمعية مستثمري الطاقة الشمسية في بنبان"، وأنا أتولى رئاسة مجلس إدارتها. للجمعية ثلاثة أدوار رئيسية: تمثيل المستثمرين أمام الجهات الحكومية، إدارة الخدمات اللوجستية بالموقع، وتنفيذ مشروعات المسؤولية المجتمعية.
س: ما دور الجمعية في مجال المسؤولية المجتمعية؟
ج: نولي اهتمامًا كبيرًا بالمجتمع المحلي، سواء قرى بنبان أو المناطق المجاورة. قمنا بتطوير مدارس، أسواق، مراكز صحية، وساهمنا في إعادة إعمار منازل بعد السيول. كما نظمنا دورات تدريبية للشباب والفتيات على مهن مثل السباكة والكهرباء وصيانة الهواتف. وأقمنا دورات في الحاسب الآلي والتسويق الإلكتروني، وساعدنا سيدات في تطوير وتسويق منتجات يدوية في القاهرة من خلال منافذ خاصة.
س: وماذا عن شركة "إنفينيتي"؟ هل تنفذ مشروعات أخرى؟
ج: نعم، شركة إنفينيتي باور لديها أربعة مشروعات في بنبان، بالإضافة إلى مشروعات لطاقة الرياح في خليج السويس بقدرة 250 ميجاوات، وأخرى في السنغال وجنوب أفريقيا. كما نعمل على مشروع جديد بالتعاون مع شركة "مصدر" الإماراتية بقدرة 200 ميجاوات، وهو في مرحلة الإغلاق المالي، كما سيتم توقيع مذكرة تفاهم لمشروع رياح جديد في خليج السويس بقدرة 1500 ميجاوات.
تخزين الطاقة
س: هل هناك مشروعات لتخزين الطاقة؟
ج: نعم، نعمل حاليًا على مشروعات للطاقة الشمسية مزودة بأنظمة تخزين بالبطاريات، تتيح استخدام الكهرباء ليلاً. فبينما الطاقة الشمسية محدودة بفترة النهار، فإن الرياح تعمل على مدار 24 ساعة.
س: هل لكم نشاط في مجال السيارات الكهربائية؟
ج: بالتأكيد. نمتلك شركة "إنفينيتي إي" المتخصصة في شحن السيارات الكهربائية، وقد أنشأنا أكثر من 220 محطة شحن في المولات، الطرق السريعة، محطات الوقود، وغيرها. هدفنا هو تسهيل استخدام السيارات الكهربائية، نظرًا لكفاءتها وتوفيرها في الوقود وانخفاض تكاليف صيانتها.
س: هل هناك توجه لتأسيس جمعية لمستثمري طاقة الرياح؟
ج: نعم، ندرس حاليًا تأسيس جمعية مماثلة لمستثمري طاقة الرياح، لتؤدي نفس أدوار جمعية بنبان في تمثيل المستثمرين، إدارة المشروعات، وتنفيذ مبادرات التنمية المجتمعية، وهو أمر أصبح شرطًا أساسيًا للحصول على التمويل من المؤسسات الدولية.
س: ما كمية الطاقة الشمسية المضافة حاليًا إلى الشبكة القومية؟
ج: حاليًا تمثل الطاقة المتجددة نحو 20% من إجمالي إنتاج الكهرباء في مصر. والمستهدف الوصول إلى 42% بحلول عام 2030، وربما نتجاوز هذا الهدف، بفضل مشروعات كبرى مثل بنبان، ومشروعات الرياح، والتوسع في تقنيات التخزين.
س: ما الفائدة المباشرة من تركيب محطة طاقة متجددة في المواقع الصناعية أو السكنية؟
ج: الفائدة الرئيسية هي خفض فاتورة الكهرباء، حيث تنتج المحطة جزءًا كبيرًا من الاستهلاك المطلوب، وهو ما ينعكس اقتصاديًا على المستخدمين.
س: هل هناك مشروع جديد تعملون على تنفيذه حاليًا؟
ج: نعم، خلال الشهرين المقبلين سنبدأ تنفيذ مشروع رياح بقدرة 200 ميجاوات في منطقة "رأس غارب "، وهو في مراحله النهائية من الإغلاق المالي.
س: ما التأثير المتوقع لهذا المشروع على استهلاك الوقود؟
ج: دخول 200 ميجاوات من الرياح، إلى جانب 500 ميجاوات تنفذها شركة أخرى، ومشروعات طاقة شمسية، يمكن أن يضعنا في مرحلة لا نحتاج فيها لاستيراد الغاز لتشغيل محطات الكهرباء. هذا سيوفر كميات كبيرة من الغاز والمازوت، ويساعد في الوصول للاكتفاء الذاتي.
س: ماذا عن مشروعات الهيدروجين الأخضر؟
ج: تم توقيع العديد من مذكرات التفاهم في هذا المجال، لكن تنفيذ هذه المشروعات يحتاج وقتًا، لأنها تعتمد على إنتاج الكهرباء من الشمس والرياح. تكلفتها أعلى، لكنها ستمكننا من تصدير الأمونيا الخضراء إلى أوروبا كبديل للغاز الطبيعي.
س: هل هناك خطة للتوسع داخل منطقة بنبان؟
ج: نعم، نستهدف خلال عامين الوصول إلى 1800 ميجاوات من القدرات المركبة داخل بنبان، حيث نمتلك أراضٍ جاهزة للتطوير وسيبدأ العمل عليها قريبًا.
س: ما حجم استثمارات الطاقة المتجددة في مصر مؤخرًا؟
ج: حجم الاستثمارات في هذا القطاع خلال السنوات الخمس والقادمة يقدر بنحو 10 مليارات دولار، وهي مشروعات وفرت آلاف فرص العمل وساهمت في تقليل الاعتماد على الوقود التقليدي.---
س: هل يمكن الاعتماد الكامل على الطاقة المتجددة؟
ج: لا، لا يمكن الاعتماد عليها بنسبة 100% نظرًا لتقلبات إنتاج الشمس والرياح. لا بد من وجود مصادر تقليدية للحفاظ على استقرار الشبكة. الهدف هو أن تمثل الطاقة المتجددة 42% من مزيج الطاقة.
س: هل هناك خطة لتصدير الكهرباء؟
ج: نعم، نعمل على الربط الكهربائي مع أوروبا عبر قبرص واليونان وإيطاليا. ومصر بالفعل مرتبطة كهربائيًا مع السودان، ليبيا، الأردن، والسعودية. المشروع يتطلب دراسات فنية وتمويلًا، لكنه قيد التنفيذ.
س: ما دور القطاع الخاص في دعم الكهرباء؟
ج: القطاع الخاص شريك رئيسي، والمستثمرون يحظون الآن بثقة المؤسسات التمويلية الدولية، نتيجة للاستقرار السياسي والاقتصادي الذي تشهده مصر، مما ساعد على تمويل المشروعات بسهولة أكبر.
س: حدثنا عن الاستعدادات لفصل الصيف؟
ج: قد لا تكون مشروعاتنا جاهزة بالكامل هذا الصيف، لكن خلال الصيف المقبل سندخل بقدرات كبيرة على الشبكة ستسهم في تخفيف الضغط وتقليل استهلاك الغاز، وبالتالي تقليل اللجوء إلى تخفيف الأحمال.
س: هل الطاقة الشمسية تسهم فعلًا في تقليل استيراد الوقود؟
ج: بالتأكيد؛ كل كيلووات من الطاقة الشمسية أو طاقة الرياح يدخل على الشبكة يوفر كمية من الغاز أو المازوت. وإذا وصلنا إلى 10 جيجاوات من الطاقة المتجددة، يمكننا توفير نحو 5 مليارات دولار سنويًا من فاتورة استيراد الوقود.
س: هل هناك استخدام مباشر للطاقة المتجددة في المصانع؟
ج: نعم، كثير من المصانع بدأت في تركيب محطات طاقة شمسية على الأسطح أو في الأراضي المجاورة. وندرس حاليًا نظام "Private to Private" لربط المصانع بمحطات في مواقع بعيدة.
س: هل يساهم استخدام الطاقة الشمسية في مواقع البترول في خفض التكلفة؟
ج: نعم، وبشكل كبير. هذه المواقع كانت تعتمد على مولدات تعمل بالكيروسين، وتركيب محطات شمسية يمكن أن يوفر 70 إلى 80% من استهلاكها، إضافة إلى خفض تكاليف التشغيل والصيانة.
س: ما أبرز المشروعات المستقبلية في مجال الطاقة المتجددة؟
ج: من أهم المشروعات المنتظرة مشروع رأس غارب لتوليد الكهرباء من الرياح بقدرة 200 ميجاوات، ضمن خطة قومية للتوسع في الطاقة النظيفة وتنويع مزيج الطاقة في مصر.
س: من هي الجهات المنفذة لهذا المشروع؟
ج: المشروع ينفذ ضمن تحالف يضم "إنفينيتي باور"، و"مصدر" الإماراتية، إلى جانب شركة "حسن علام" المصرية، وهي من أبرز الشركات العاملة في البنية التحتية والطاقة.
س: ما أهمية هذا التحالف الثلاثي؟
ج: التحالف يمثل نموذجًا ناجحًا للتكامل العربي في مجالات التنمية المستدامة، حيث يجمع بين الخبرة الفنية، والقدرات التمويلية، والتواجد المحلي، بما يعزز من فرص نجاح المشروع.
س: هل هناك اتفاقيات أخرى باسم هذا التحالف؟
ج: نعم، تم توقيع اتفاقيات جديدة لمشروعات في مجالات الرياح، والطاقة الشمسية، والهيدروجين الأخضر، وذلك ضمن رؤية مصر 2035 للتحول نحو الطاقة المستدامة.
س: كيف تنظر الدولة إلى هذه المشروعات؟
ج: الدولة تولي اهتمامًا كبيرًا بهذا القطاع، وتسعى لتحويل مصر إلى مركز إقليمي للطاقة. كما أن الدعم السياسي والتمويلي يسهم في تسريع وتيرة التنفيذ وتعزيز الاستثمارات.