هل ترى أعيننا العالم بـ المقلوب؟.. العلم يكشف الحقيقة المدهشة

قد تبدو فكرة أن ترى أعيننا العالم بـ المقلوب كخرافة مدرسية قديمة، لكن العلم الحديث يكشف أنها ليست بعيدة عن الواقع، على الأقل من منظور فيزيائي في تقرير نشره موقع ScienceAlert، أوضح خبراء البصريات وعلم الأعصاب أن ما تراه أعيننا ليس تمامًا كما تعتقده أدمغتنا، وأن الدور الحقيقي في "تصحيح" الرؤية لا يقع على العين، بل على الدماغ.
كيف نرى؟ ولماذا تنقلب الصورة؟
كل ما نراه يعتمد على الضوء، فالأشياء إما تصدر ضوءًا – كالشاشة أو الشمعة – أو تعكسه من مصدر خارجي، يدخل هذا الضوء إلى العين عبر القرنية والبؤبؤ، ثم يُركّز بواسطة العدسة على شبكية العين.
لكن أثناء هذه العملية، يحدث شيء غريب: تقوم عدسة العين بقلب الصورة رأسًا على عقب، فالأشعة القادمة من الأعلى تسقط في الجزء السفلي من الشبكية، والعكس صحيح، والنتيجة؟ الصورة على مؤخرة أعيننا بـ المقلوب.
هل يعيد الدماغ قلب الصورة؟
قد يبدو من المنطقي أن يعكس الدماغ الصورة مرة أخرى، لكن المفاجأة أن علماء الرؤية يشككون في هذه الفرضية.
فالدماغ لا "يرى" بالطريقة نفسها التي نراها نحن، بل يعتمد على أنماط معقّدة من النبضات العصبية لترميز المعلومات البصرية، ويُفسّر الأشياء بحسب علاقتها ببعضها البعض، وبوضعية أجسامنا في الفضاء، طالما أن هذه الأنماط ثابتة ومتّسقة، فإن اتجاه الصورة لا يشكل مشكلة للدماغ.

تجارب النظارات المقلوبة تثبت قدرة الدماغ على التكيّف
في ثلاثينيات القرن الماضي، أُجريت تجارب شهيرة في النمسا باستخدام نظارات تُقلب الصورة رأسًا على عقب، المشاركون، بعد أيام من الارتباك والصعوبة في التنقل، بدأوا يدركون العالم كأنه في "وضعه الطبيعي" رغم أن الصورة البصرية لم تتغير.
هذا التكيّف البصري يوضح مدى مرونة الدماغ في التعامل مع التغيرات البصرية، بل إن دراسات لاحقة اقترحت أن هذا التكيّف قد يساعد حتى المصابين بعمى الألوان على رؤية أفضل مما تسمح به حالتهم.
الدماغ لا يرى.. بل يُفسّر
الخلاصة التي يقدمها تقرير "ScienceAlert" هي أن الرؤية ليست مجرد صور تُلتقط وتُعرض، بل هي عملية إدراكية معقدة، يتولى فيها الدماغ مسؤولية تحويل المدخلات البصرية غير المرتبة إلى مشهد يمكن فهمه والتفاعل معه.
وهكذا، فحتى لو كانت الصورة بـ " المقلوب " فيزيائيًا، فإن العالم يبدو لنا دائمًا في مكانه الصحيح.