لم يتوقع ترامب عدم تمكنه من تسوية الصراع الروسي_ الأوكرانى، وهو الذى تعهد بإنهاء الحرب الدائرة بين البلدين منذ أكثر من ثلاث سنوات، فما زالت المفاوضت جارية ما بين الجانبين برعاية أمريكية، حيث أُجرى أكثر من اتصال وعلى مستوى رفيع ما بين ترامب وبوتين أيضا زيلينسكى الرئيس الأوكرانى، منها مكالمة هاتفية امتدت ساعة ونصف ساعة ما بين الرئيسين الأمريكى والروسي، خرج بعدها ترامب ليؤكد إمكانية التوصل إلى تسوية لهذا الصراع، سيما مع مشاركة أوروبية لهذه المفاوضات وإن كانت محدودة، عقب تجاهل واضح من قبل ترامب لأوروبا بداية تحركاته فى هذا الاتجاه، غير أن استمرار الهجمات المتبادلة من قبل الجانبين، مع إطلاق بوتين لصواريخ متنوعة ما بين قادرة على حمل رؤوس نووية وبين باليستية، جميعها تحركات حملت دلالات وإشارات مفادها مواصلة الحرب وربما تعثر واضح للمفاوضات.
ويبدو أن لبوتين حساباته الخاصة، ولن يقبل بالاندماج فى المفاوضات بهذه اكيفية وعلى هذا النحو السلس، سيما مع تمكنه من السيطرة على أربع مقاطعات روسية دونيستك، لوجانسك، خيرسون وزابورجيه، والأهم الجسر البرى ما بين شبه جزيرة القرم وأهم المقاطعات، ناهيك عن الدوافع فى اندلاع الحرب ما زالت باقية، إن كان تمدد الناتو شرقا، أو احتمالية انضمام لأوكرانيا لنفس الحلف.
وربما شبكة الحسابات المعقدة لدى بوتين برزت على خلفية، مجموعة من المحددات مكنت الرئيس الروسي من مواصلة الحرب والتصدى للغرب، والذى برز كطرف أصيل فى حرب أرادها بالوكالة، ولعل فى مقدمة هذه العوامل والمحددات، تغير الإرادة الأمريكية وقدوم ترامب، والذى تقابل مع بوتين فى العديد من التوافقات فيما بينهما والتفاهمات ليس فقط فيما تعلق بالحرب الروسية الأوكرانية، إنما أيضا شبكة المصالح والمستهدفات، ما انعكس على تحجيم المساعدات العسكرية والموجهة لأوكرانيا، على عكس بايدن والذى أشعل الحرب عبر التدفق العسكرى.
غير أن أوضاع موسكو الاقتصادية والعسكرية وقبيل اندلاع الحرب، مكنتها من المواصلة والاستمرارية، فبيما سجل اقتصادها مؤشرات اقتصادية يعول عليها، سيما النمو والناتج المحلى، تنوعت ترسانتها العسكرية ما بين أنظمة دفاع جوى، ومنظومات صواريخ حديثة وأقمار تجسس وغيرها من ترسانات عسكرية كفيلة بالتصدى للشحنات الغربية، أضف شبكة من العلاقات الدولية والتحالفات الجيوسياسية، تمت صياغتها مع الصين، الهند وكوريا الشمالية، تركيا، إيران والمنطقة العربية أيضا، وكلها أسهمت فى دعم موسكو، وتقويتها فى مواجهة الغرب والعقوبات.
وثمة عدة من المسارات قد تحكم مستقبل الصراعات، إلا أن تمسك بوتين بأهم مقاطعات الجنوب والشرق الأوكرانى، مع عدم انضمام أوكرانيا إلى حلف الناتو، تظل أهم الشروط والتى تحكم جميعها، وربما المعطيات كافة تدفع باتجاه استمرارية الحرب، وفى أغلب الأحوال قد تتوصل الأطراف إلى هدنة مؤقتة، تتواصل بعدها الحرب، حال عدم توافر شروط الرئيس الروسي !