الكسار: تكرار انهيارات مباني الإسكندرية بسبب عدم تفعيل المحليات للإزالة

في مدينة يتنازعها التاريخ والجمال والهشاشة، تقف الإسكندرية اليوم على حافة أزمة عمرانية وإنسانية غير مسبوقة، تتكثف ملامحها في أرقام صادمة وتحذيرات علمية، وسط عجز واضح عن تفعيل قرارات الإزالة ووقف تمدد الفوضى العمرانية.
أكثر من 6 آلاف عقار خطر
أشار المهندس كريم الكسار، أمين العام المساعد لنقابة المهندسين المصرية، في تصريحات خاصة لـ"نيوز رووم" إلى أن السبب الجوهري في تكرار كوارث انهيارات المباني داخل الإسكندرية يعود إلى عدم تفعيل المحليات لقرارات الإزالة أو الترميم الصادرة بحق المباني المخالفة أو الآيلة للسقوط، موضحا أن "هذا التراخي سيظل الخطر الأكبر والقنبلة الموقوتة التي تهدد أرواح الآلاف في المدينة الساحلية".
وأضاف الكسار أن الإسكندرية تضم أكثر من 6 آلاف عقار خطر، بينها 160 عقارًا مائلًا، بالإضافة إلى 133 ألف عقار مخالف صدرت بشأنها قرارات إزالة، مشيرًا إلى أن عدد قرارات الإزالة الفعلية خلال السنوات الماضية بلغ أكثر من 5 آلاف قرار لم ينفذ معظمها.
43 انهيارًا و32 وفاة في 16 شهرًا
وأكد أن مدينة الأسكندرية شهدت خلال الـ16 شهرا الماضية سقوط 43 عقارًا، ما بين انهيار كلي وجزئي، أو حتى انهيارات شرفات، وبلغ عدد الضحايا 32 وفاة و37 مصابًا، في ظل واقع يؤكد أن أغلب هذه الحوادث كانت بسبب مبانٍ قديمة غير مرخصة أو مبانٍ صدرت بحقها قرارات إزالة لم تنفذ.
دراسة علمية دولية
وقال الأمين العام المساعد لنقابة المهندسين المصرية، إن دراسة علمية حديثة نشرت في فبراير الماضي بمجلة Earth’s Future الدولية المتخصصة في الدراسات المناخية، أجراها فريق من علماء المناخ والبحار والفضاء بقيادة المهندسة المعمارية المصرية، سارة فؤاد، في مشروع تعاون علمي فريد بين جامعات ألمانية وهولندية وأمريكية وتونسية ومصرية، كشفت أن مدينة الإسكندرية شهدت أكثر من 280 حالة انهيار مبانٍ ساحلية خلال العقدين الأخيرين، محذرة من تنامي التهديدات المناخية التي تضاعف معدلات الانهيار عشر مرات في عشرين سنة فقط.
تعاون دولي وتحذير علمي
وأكدت الدراسة أن نحو 7 آلاف مبنى في المدينة معرضة لخطر الانهيار بسبب التغير المناخي وارتفاع مستوى سطح البحر، ما يؤدي إلى تآكل السواحل وهبوط التربة وتسرّب المياه المالحة إلى الطبقات الجوفية، مهددًا أسس المباني بشكل متسارع.
صور أقمار صناعية تكشف الحقيقة
واعتمدت الدراسة الممولة من جامعة كاليفورنيا ووكالة ناسا الأمريكية ومؤسسة فون هومبولت الألمانية، على تحليل صور الأقمار الصناعية من عام 1974 حتى 2021، وخلصت إلى أن السبب الرئيس وراء تسارع الانهيارات مرتبطة بتآكل السواحل نتيجة لاختلال توازن الرواسب، الناجم عن التوسع العمراني، بجانب ارتفاع مستوى سطح البحر، مما أدى إلى زيادة تسرب مياه البحر إلى طبقات المياه الجوفية الساحلية، وارتفاع منسوب تلك المياه وتآكل أسس المباني، الذي يُعجل بانهيارها.