عاجل

هل يجوز الحج لمن عليه ديون مؤجلة؟.. الإفتاء توضح الحكم الشرعي

الحج
الحج

مع اقتراب موسم الحج، تزداد التساؤلات حول شروط الاستطاعة، خاصة لدى من عليه التزامات مالية. وفي هذا السياق، ورد سؤال إلى  دار الإفتاء المصرية  ب "أريد الحج وعلي ديون مؤجلة نتيجةَ شراء شقة بالتقسيط. فهل يجوز لي الحج أم أنه يجب عليَّ قضاء الدين أولًا؟

يجوز شرعًا لمن كان عليه دَين مُؤجَّل على هيئة أقساط منتظمة، أن يؤدي فريضة الحج، بشرط أن يكون مطمئنًا إلى أن ذهابه للحج لن يخلّ بالتزامه بسداد تلك الأقساط في مواعيدها المحددة، وذلك بأن يمتلك ما يكفي من المال لتغطية نفقات الحج إلى جانب الوفاء بالدَّين عند حلول أجله


شروط الاستطاعة في الحج.

الحج هو فريضة عظيمة وركن من أركان الإسلام الخمسة، لا يجب إلا مرة واحدة في العمر على كل مسلم بالغ عاقل، بشرط أن يكون مستطيعًا. وقد جاء في القرآن الكريم قول الله تعالى:
﴿وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا﴾ [آل عمران: 97]، وهو نص صريح في أن أداء الحج متوقف على تحقق “الاستطاعة”.

ويُعرِّف الفقهاء الاستطاعة بأنها قدرة الإنسان البدنية والمالية والزمانية على أداء الحج، إلى جانب توفر الأمان في الطريق. ومن شروط الاستطاعة أن يمتلك الشخص من المال ما يكفي لتغطية نفقات الحج ذهابًا وعودة، دون أن يُخل ذلك بحاجاته الأساسية أو يؤثر على من يعولهم من أهل وعيال، مع ضرورة سداد ما عليه من ديون أو ترك مال كافٍ لتسديدها.

وقد أكد الفقهاء أن الدين يُعد من الموانع التي قد تحول دون وجوب الحج، خاصةً إذا كان حالًّا ويؤثر على قدرة الإنسان في الوفاء به. ومن ذلك ما ذكره الإمام ابن مودود في كتابه “الاختيار لتعليل المختار”، حيث أوضح أن الزاد والراحلة يجب أن يكونا فاضلين عن الحاجات الأصلية ونفقة العائلة وسداد الديون. وعلل ذلك بأن حقوق العباد مقدمة على حق الله تعالى، لأن الله غني عن العالمين، بينما العباد قد يكونون في حاجة ماسّة لحقوقهم.

كما أشار الإمام الرافعي إلى أن لصاحب الدَّيْن الحق في منع المدين من الخروج إلى الحج إذا كان الدين حالًّا، إلا إذا قام المدين بتوكيل من يسدد عنه في غيابه. أما في حالة الإعسار أو إذا كان الدين مؤجلًا، فلا مانع شرعًا من الحج، خاصة إذا تم تنظيم عملية السداد وفق اتفاق مُسبق بين الطرفين، كما هو الحال في الأقساط التي تُعرف آجالها ومبالغها.

وقد بيَّن الإمام ابن قدامة أن الحج لا يجب على من كان مديونًا إذا لم يكن لديه مال زائد عن حاجاته الأصلية وسداد ديونه، لأن قضاء الدين أَوْلى، بل قدَّم حقوق العباد على الزكاة نفسها، فكيف بالحج.

حكم الحج لمن عليه ديون مؤجلة أو أقساط

إذا كان على المسلم دين مؤجل أو أقساط مرتبة ومعروفة، وكان لديه من المال ما يكفي لأداء الحج مع الحفاظ على التزامه بسداد الأقساط، فلا مانع من حجه شرعًا. بل ذهب بعض العلماء إلى جواز الاقتراض لأداء الحج إذا كان الشخص قادرًا على السداد لاحقًا، كما رُوي عن سفيان الثوري أنه قال: “لا بأس أن يحج الرجل بدين إذا كان له عروض إن مات ترك وفاء”.

وفي ذلك رحمة وتيسير من الشريعة، التي توازن بين أداء الفرائض وحقوق الناس، وتُراعي حال المسلم في دينه ودنياه

تم نسخ الرابط