دار الإفتاء توضح أحكام لباس المُحرِم والمرأة خلال الحج وتوجه رسالة مهمة

مع اقتراب موسم الحج، تزايدت استفسارات المسلمين حول الأحكام المتعلقة بالإحرام واللباس، خاصة للرجال والنساء، وما يجوز ارتداؤه خلال موسم الحج أو العمرة، وفي هذا الإطار، أصدرت دار الإفتاء المصرية عبر صفحتها الرسمية على موقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك"، توضيحات مهمة للمسلمين توضح فيها بعض أحكام الإحرام واللباس أثناء أداء مناسك الحج، مما يساهم في رفع الالتباس عن الحجاج ويُيسر عليهم أداء هذه الفريضة.
وفي منشور رسمي، أوضحت دار الإفتاء أن لبس النظارة، وساعة اليد، والخاتم المباح، والحزام أو ما يشبهه، جائزٌ للمُحرِم أثناء أداء مناسك الحج، دون أن يكون ذلك مخالفًا لشرع الله أو منهيًا عنه، كما شددت على أن هذه الأمور لا تخلّ بالإحرام ولا تُبطله، طالما أنها لا تدخل ضمن اللباس المنهي عنه كالمخيط على الجسد أو تغطية الرأس بالنسبة للرجال.
ماذا يجوز للمُحرِم أن يرتدي؟
وفقًا لما ذكرته دار الإفتاء المصرية، فإن المُحرِم - وهو الشخص الذي نوى الدخول في النسك سواء بالحج أو العمرة - يجوز له الاستفادة من بعض الأدوات والملحقات التي تسهّل عليه أداء المناسك وتحفظ له احتياجاته دون أن تخرج عن ضوابط الإحرام، ومن ضمن ما يجوز:
- لبس النظارات الطبية أو الشمسية، خاصة للحماية من أشعة الشمس القوية أو لتصحيح النظر.
- ارتداء ساعة اليد، سواء كانت رقمية أو عادية.
- وضع الخاتم، بشرط أن يكون مباحًا (أي غير مصنوع من الذهب للرجال مثلًا).
- شد الحزام على الوسط، لا سيما إذا كان يحتوي على جيوب لحفظ النقود أو الوثائق الشخصية.
المرأة والإحرام: أحكام خاصة تيسيرية
أما بالنسبة للمرأة، فقد أكدت دار الإفتاء أنه يجوز لها أن ترتدي الحلي المعتادة، والحرير، والجوارب، كما يمكنها أن تلبس ما تشاء من ألوان الثياب دون أن يكون في ذلك تبرجٌ أو زينةٌ ملفتة، ومع ذلك، رأت دار الإفتاء أن من الأولى للمرأة المسلمة الابتعاد عن الألوان اللافتة أو الزينة الزائدة التي قد تُخرجها عن روح التواضع والخشوع في هذا الركن العظيم من أركان الإسلام.
وهذا الحكم يأتي اتساقًا مع الفهم الصحيح للفقه الإسلامي، الذي لا يفرض على المرأة لونًا معينًا أثناء الإحرام، بخلاف الرجل الذي يلتزم بالإزار والرداء الأبيضين غير المخيطين.
أحكام الحيض والنفاس للحاجات
ومن الجوانب الهامة التي أوضحتها دار الإفتاء، هو ما يتعلق بالنساء الحائضات أو النُّفَساء خلال الحج، وهي قضية تشغل كثيرًا من النساء قبل أداء المناسك، خاصة من يخشين أن يعيقهن الحيض أو النفاس عن استكمال الفريضة.
فقد أوضحت الدار أن الحيض أو النفاس لا يمنع من الإحرام، بل يجوز للمرأة أن تحرم وهي في تلك الحالة، وأن تأتي بجميع أعمال الحج، ما عدا الطواف حول الكعبة، لأنه يتطلب الطهارة ويدخل ضمن نطاق المسجد الحرام، وهو ما يمنع الشرع دخوله في حالتي الحيض أو النفاس.
وفي الحالات الاضطرارية، كأن تضيق المدة الزمنية ولا تتمكن المرأة من البقاء في مكة حتى تطهر، أوضحت دار الإفتاء أنه يجوز لها أن تغسل موضع الدم وتتحفظ جيدًا ثم تطوف طواف الإفاضة، وهو ركن أساسي في الحج، دون أن يكون عليها إثم، إذ أن الضرورات تبيح المحظورات عند الحاجة الملحة.
أما إن جاءها الحيض بعد الانتهاء من معظم المناسك وقبل طواف الوداع، أو فاجأها في الأيام الأخيرة، وأرادت السفر مع الفوج، فقد بيّنت دار الإفتاء أنه لا حرج عليها في ترك طواف الوداع والسفر، إذ لا شيء عليها، وهذا تيسير من الشريعة.
رسالة دار الإفتاء إلى الحجاج: لا تشددوا على أنفسكم
وفي ختام بيانها، وجهت دار الإفتاء رسالة إنسانية وروحية إلى حجاج بيت الله الحرام، جاء فيها "أخي الحاج، كن على يقين أن اختلاف الفقهاء في مسائل الأحكام الشرعية رحمةٌ وتيسيرٌ، فلا تُشدد على نفسك، ولا تظنَّنَّ بأحدٍ عمل عملًا يخالف ما تعمله ظن سوء، ما دام عمله يوافق قولًا لأحد المجتهدين المعتبرين".
وهذه الرسالة تحمل في طياتها روح التيسير والرحمة، وتؤكد أن تعدد الآراء الفقهية ليس بابًا للتشدد أو التضييق، بل هو انعكاس لرحمة الله بالعباد، وأن المسلم ينبغي له أن يحترم تعدد الاجتهادات ويأخذ منها ما يناسب حاله وظرفه.
توعية دينية متواصلة من دار الإفتاء
يُذكر أن دار الإفتاء المصرية تقوم بدور فعّال خلال موسم الحج، من خلال إصدار الفتاوى المصورة والمكتوبة، وتنظيم اللقاءات التوعوية، ونشر المعلومات الفقهية المبسطة عبر وسائل التواصل الاجتماعي لتيسير أداء المناسك على الحجاج.