الانتخابات الرئاسية الرومانية
بأكثر من 54% من الأصوات .. نيكوسور دان يفوز برئاسة رومانيا

فاز المرشح الرئاسي نيكوسور دان، المعروف بدعمه للغرب، في جولة الإعادة للانتخابات الرئاسية في رومانيا، بحصوله على أكثر من 54% من الأصوات مساء اليوم الأحد.
ووفقاً لاستطلاع أجرته مؤسسة "CURS"، في وقت سابق، تصدر دان السباق بنسبة 54.1% متقدماً على منافسه مرشح اليمين المتطرف جورج سيميون، بحسب ما نقلته قناة Antena3. فيما أظهر استطلاع آخر أجرته مؤسسة Avant-garde أن دان نال 54.9% مقابل 45.1% لسيميون.
نيكوسور دان يفوز برئاسة رومانيا
وأفادت الهيئة الانتخابية المركزية بأن نسبة المشاركة في الانتخابات تجاوزت 64%، في مؤشر على الأهمية التي توليها شريحة واسعة من المواطنين لهذه الانتخابات التي توصف بأنها من الأكثر حساسية في تاريخ البلاد الديمقراطي الحديث.
وتأتي هذه الجولة الحاسمة بعدما عاد الرومانيون إلى صناديق الاقتراع للمرة الثالثة خلال أقل من ستة أشهر، لاختيار رئيس جديد للبلاد، وقد سبق أن أُلغيت الانتخابات الرئاسية السابقة التي جرت في نوفمبر 2024، بقرار من المحكمة الدستورية، عقب مزاعم بتدخل أجنبي في العملية الانتخابية، لا سيما من قبل روسيا. وتم منع المرشح المتطرف الفائز آنذاك، كالين جورجيسكو، من الترشح مجددًا.

وفي الجولة الأولى من الانتخابات الجديدة التي أُجريت في 4 مايو، تصدر جورج سيميون السباق بحصوله على حوالي 41% من الأصوات، فيما حل نيكوسور دان في المركز الثاني بنسبة تقارب 21%، ليخوض الاثنان جولة الإعادة الفاصلة.
ويُقدر عدد الناخبين المؤهلين في البلاد بنحو 18 مليوناً، بينهم 7 ملايين يعيشون في الخارج، وهو ما يفسر أهمية أصوات الشتات في ترجيح كفة أي من المرشحين.
وتُجرى هذه الانتخابات في وقت بالغ الحساسية من الناحية الجيوسياسية، إذ تقع رومانيا على الحدود مع أوكرانيا، وتُعد دولة محورية في حلف شمال الأطلسي (الناتو) والاتحاد الأوروبي. وتكمن أهمية المنصب الرئاسي في النظام شبه الرئاسي الذي تتبعه البلاد، حيث يتمتع الرئيس بسلطات واسعة تشمل قيادة القوات المسلحة، ورئاسة المجلس الأعلى للدفاع الوطني، وتكليف رئيس الوزراء، والتأثير المباشر على السياسة الخارجية والتعيينات القضائية.
برنامج سياسي متناقض
يعكس السباق الرئاسي الحالي انقساماً عميقاً بين مرشحين يتبنيان رؤيتين متعارضتين لمستقبل البلاد. فنقطة التباين الأساسية تتمثل في الهوية السياسية والعلاقات الخارجية: نيكوسور دان، البالغ من العمر 56 عاماً، عمدة بوخارست وعالم رياضيات وناشط مدني سابق، يُعد رمزاً للتيار المؤيد للتكامل مع الغرب.
أما جورج سيميون، البالغ 39 عاماً، فيمثل تياراً قومياً متشدداً، ويقود "تحالف اتحاد الرومانيين"، المعروف بخطابه الشعبوي ورفضه للمؤسسات الغربية.
يدعو دان إلى تعزيز الشفافية والإصلاحات، ويدعم استمرار الدعم العسكري والإنساني لأوكرانيا، ويؤكد على التزام رومانيا العميق بعضويتها في الاتحاد الأوروبي والناتو.
وفي المقابل، يرفض سيميون هذه السياسات، ويعارض تقديم المساعدات لكييف، كما يُبدي مواقف متشددة من الاتحاد الأوروبي. ويُعرف بإعجابه بالرئيس الأمريكي دونالد ترامب، وقد مُنع سابقاً من دخول كل من أوكرانيا ومولدوفا بسبب مواقفه المتعلقة بـ"رومانيا الكبرى" التي تشمل مناطق داخل الدولتين الجارتين.
ويعتمد دان في حملته الانتخابية على دعم سكان المدن الكبرى والشباب وشرائح واسعة من الرومانيين المقيمين في الخارج. فيما يستمد سيميون قوته الانتخابية من الناخبين في الأرياف والمناطق التي تعاني من تردي الخدمات وتدهور البنية التحتية.
ويشير المحللون إلى أن دان يُقدّم برنامجاً يقوم على محاربة الفساد وتحقيق الشفافية الإدارية، إلى جانب الحفاظ على علاقات وثيقة مع الحلفاء الغربيين. أما سيميون، فرغم محاولاته الأخيرة لتخفيف لهجته القومية وتأكيده على بقاء رومانيا داخل الناتو والاتحاد الأوروبي، لا يزال يُنظر إليه بعين الريبة بسبب خطابه الانعزالي ومواقفه الشعبوية.

تآكل الثقة في الطبقة السياسية
يُفسر العديد من المراقبين صعود سيميون كنتاج مباشر لحالة السخط الشعبي من أداء الحكومات السابقة، واتهامات الفساد التي تلاحق النخبة السياسية. ويرى ألكسندرو داميان، مدير البرامج في المركز الروماني للسياسات الأوروبية، أن الحزب الذي يقوده سيميون استغل مشاعر الإحباط الاقتصادي والاجتماعي، مستخدماً وسائل التواصل الاجتماعي لنشر خطاب قومي تحريضي يميل إلى تبسيط المشاكل المعقدة.
وأضاف داميان أن اليمين المتطرف قدم نفسه كبديل للمنظومة التقليدية، وهو ما لاقى صدى لدى قطاعات واسعة من المواطنين المتضررين من التضخم وسوء الخدمات وغياب العدالة الاجتماعية. ومع ذلك، حذر من أن فوز سيميون لا يضمن حلولًا عملية أو واقعية، وقد يزيد من الاستقطاب الداخلي.