في سابقة قانونية..توصية قضائية بتمكين زوجة سجين من الحقن المجهري

أوصت هيئة مفوضي الدولة بمحكمة القضاء الإداري، بتمكين زوجة سجين سياسي من إجراء عملية حقن مجهري باستخدام عينة من زوجها المحكوم عليه بالسجن 15 عامًا، في سابقة تُعد تحولًا في النظرة القانونية لحقوق السجناء، وتؤسس لحق إنساني طالما جرى تجاهله خلف الأسوار.
التحفة القانونية
التوصية، التي وصفها خبراء بـ"التحفة القانونية"، استندت إلى ركائز دستورية ومعايير دولية، أبرزها قواعد نيلسون مانديلا الخاصة بمعاملة السجناء، والعهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية، التي تكفل الحق في تكوين الأسرة، باعتباره من الحقوق الأساسية للإنسان.
معركة قانونية لانتزاع حق الأبوة
القضية بدأت كحالة إنسانية لزوجين حُرمَا من الإنجاب، وتحولت إلى معركة قانونية لانتزاع حق الأبوة، في ظل غياب تشريع ينظم هذا النوع من الحالات.
قال المحامي الحقوقي مالك عدلي، مدير شبكة المحامين في المركز المصري للحقوق الاقتصادية والاجتماعية، إن الدعوى رُفعت منذ ثلاثة أشهر، بعد وفاة ثلاثة توائم كانت الزوجة قد حملت بهم.
الحقن المجهري
أوضح عدلي، في تصريحاته لـ"نيوز رووم"، أن فرص السيدة في الإنجاب أصبحت محدودة، وكان الحقن المجهري هو الحل العلمي الوحيد، مشيرًا إلى أن السجين محكوم عليه في قضية سياسية بالسجن 15 عامًا، وأن غياب النصوص القانونية المنظمة لم يمنعهم من اللجوء إلى مجلس الدولة، الذي بات ملاذًا لحماية الحقوق الدستورية.
أشار إلى أن صدور حكم نهائي في هذه القضية سيجبر وزارة الداخلية على تبني تنظيم قانوني مشابه، قائلاً: "الإنجاب حق أساسي لا يجب أن يُحرم منه الإنسان بسبب وجوده في السجن".
دعا إلى حوار مجتمعي واسع حول الحقوق التي يحتفظ بها السجين رغم فقدان حريته.
أشاد عدلي بتقرير هيئة المفوضين، واصفًا إياه بـ"الاستثنائي والمكتوب باحترافية عالية"، مشيرًا إلى أن التقرير استند إلى سوابق قضائية دولية، مثل قضية "ديكسون ضد المملكة المتحدة"، التي أقرت فيها المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان أحقية السجناء في التلقيح الصناعي، بعد اعتبار منعه انتهاكًا للحق في الحياة الخاصة.
أضاف أن التقرير المصري لا يقل أهمية، بل يعكس تطورًا ملحوظًا في الوعي القضائي المرتبط بحقوق الإنسان، مشيرًا إلى أن المواطن الإنجليزي كان يحتاج للجوء إلى المحكمة الأوروبية لتحقيق هذا الحق، بينما حصل عليه مواطن مصري عبر القضاء الإداري الوطني.
من جانبه، وصف ناصر أمين، المحامي الحقوقي ورئيس المركز العربي لاستقلال القضاء، التقرير بأنه جيد ومبشر، معربًا عن أمله في أن تصدر المحكمة حكمًا يؤيد التوصية، باعتبارها انتصارًا لحق إنساني أساسي لا يجب أن يُقيد بالسجن.
وكانت هيئة مفوضي الدولة قد أوصت، في تقرير صادر أبريل 2025 بشأن الدعوى رقم 41283 لسنة 79 ق، بأحقية زوجة السجين المحتجز بمركز إصلاح وتأهيل المنيا، في الحصول على العينات والتحاليل الطبية اللازمة لإجراء عملية الحقن المجهري على نفقتها الخاصة.
أكد التقرير أن الدستور المصري يكفل الحق في تكوين الأسرة، وأن السجن لا يُلغي هذا الحق طالما لا يتعارض مع مقتضيات الأمن العام. واستند التقرير كذلك إلى أحكام قانون تنظيم مراكز الإصلاح، التي تنص على أحقية السجين في الرعاية الصحية والنقل للمستشفيات عند الضرورة، مؤكدًا أن السماح بالحصول على العينة لا يخالف القانون بل يتماشى مع روح الدستور ومبادئ العدالة والكرامة الإنسانية.