تدخل أجنبي ومحاولة انقلاب
مؤامرة زعيم الحرب الخفي تهز انتخابات رومانيا الملغاة

ألغيت الانتخابات الرئاسية الرومانية لعام 2024 بشكل مثير للجدل بسبب شبهات تدخل أجنبي، حيث اتُهم هوراتيو بوترا، حليف المرشح الممنوع كالين جورجيسكو، بالتخطيط للتمرد، وفقًا لتقرير صحيفة Politico.
اجتمع المرشح اليميني المتطرف للرئاسة الرومانية كالين جورجيسكو، ، في ديسمبر الماضي، مع مجموعة من مساعديه المقربين في مزرعة خيول خارج بوخارست. وكانت حملته الانتخابية في أزمة، إذ ألغت المحكمة العليا في البلاد الانتخابات التي كان جورجيسكو يتمتع بفرصة كبيرة للفوز بها، وذلك بناءً على تقارير استخباراتية سرية تشير إلى تدخل قوة أجنبية، يُرجح أنها روسيا، لتوجيه الانتخابات لصالحه.
أثار إلغاء الانتخابات الرئاسية الرومانية أزمة سياسية عميقة في البلاد، وكشف عن نقاط ضعف حرجة في دولة ذات أهمية استراتيجية. ولم يكن الأمر يتعلق فقط بحكم 19 مليون شخص، بل بمستقبل توجيه دولة عضو رئيسي في حلف الناتو على الحدود الشرقية للاتحاد الأوروبي مع أوكرانيا. إذ تٌعتبر رومانيا موطن لقاعدة حيوية لحلف الناتو، ومن المقرر أن تصبح الأكبر في أوروبا خلال السنوات الخمس المقبلة، في وقت حساس بالنسبة للغرب.

زعيم مرتزقة متهم بالتخطيط لتمرد على غرار 6 يناير
يرى المحققون الرومانيون الآن أن اللقاء في المزرعة كان لحظة محورية في ما يعتقدون أنه مؤامرة لزعزعة استقرار رومانيا في أعقاب إلغاء الانتخابات بتمرد على غرار أحداث 6 يناير في الولايات المتحدة.
وكان المشتبه به في قلب المؤامرة المزعومة هو هوراتيو بوترا، زعيم مجموعة مرتزقة، والذي كان إلى جانب جورجيسكو في ذلك الصباح. وفي اليوم التالي، أُلقي القبض على بوترا في طريقه إلى بوخارست في قافلة من خمس سيارات مليئة بالمسلحين، كانوا في طريقهم لإثارة أعمال شغب احتجاجًا على قرار المحكمة بإلغاء التصويت.
وفي 11 مارس، اتخذت السلطات الرومانية خطوتها النهائية بمنع جورجيسكو من الترشح في إعادة الانتخابات، التي تجري هذا الأسبوع. ولكن إذا كانت استطلاعات الرأي صحيحة، فإن معظم ناخبي جورجيسكو يدعمون الآن مرشحًا يمينيًا متطرفًا آخر، وهو جورج سيميون، الذي وصف إلغاء الانتخابات بأنه "انقلاب"، ووعد بإعطاء جورجيسكو دورًا في الحكومة، ربما حتى منصب رئيس الوزراء.
كشف تحقيق لـ "POLITICO" عن النطاق الكامل لإمبراطورية بوترا ونفوذه على حملة جورجيسكو التي أغرقت رومانيا في أزمة. واستنادًا إلى سجلات الأعمال والمعاملات المالية وملفات المدعين العامين وسجلات الأراضي وشهادات المطلعين، فإن هذا البحث يكشف عن صورة رجل جمع ثروة هائلة وعلاقات قوية من خلال أنشطته المرتزقة. ويثير أيضًا أسئلة حاسمة حول علاقاته مع موسكو.

من هو هوراتيو بوترا؟
صنع هوراتيو بوترا، الذي عمل حارسًا شخصيًا للعائلة المالكة في قطر، مسيرته في أفريقيا، حيث قدم خدمات أمنية لقادة سياسيين ورجال أعمال. وقد ساعدته هذه العقود في جمع ملايين الدولارات، ولكن أيضًا نفوذًا سياسيًا وسلطة، وبالطبع خصوم.
وعندما ألقت الشرطة الرومانية القبض على بوترا في ديسمبر الماضي، عثروا في سيارته على فؤوس وسيوف وحزم من الدولارات، بالإضافة إلى فرنكات كونجولية، تذكارًا من العامين اللذين قضاهما في جمهورية الكونجو الديمقراطية. هناك، قاد مجموعة من ألف مرتزق، استأجرتهم الحكومة الكونجولية لمحاولة وقف المتمردين المدعومين من رواندا من الاستيلاء على مدينة جوما الاستراتيجية.
تضمنت قائمة الاتهامات الموجهة إلى بوترا غسيل الأموال والتهرب الضريبي، حيث تتهمه السلطات بعدم دفع ضرائب على أكثر من 7 ملايين دولار، يقولون إنه كسبها من عقود المرتزقة في أفريقيا. ومنذ حصوله على عقده العسكري في جمهورية الكونجو الديمقراطية في عام 2022، جمع بوترا بهدوء محفظة عقارية مثيرة للإعجاب.
بينما لم تُتهم موسكو رسميًا بالتدخل في انتخابات العام الماضي لدعم حملة جورجيسكو، فإن أصابع الاتهام تشير إلى عملاء الكرملين. كما حذرت السلطات الرومانية من أن روسيا تشن هجومًا "هجينًا" على رومانيا لزعزعة استقرار البلاد، كما فعلت في مولدوفا المجاورة.
يصوت الرومانيون في 18 مايو، في الجولة الأخيرة من إعادة الانتخابات لاختيار رئيس جديد. وبالرغم من أن خياراتهم أصبحت لا تشمل جورجيسكو، فهذا لا يعني أن القومي المتطرف وحلفاءه خارج الصورة.