في ذكرى ميلاده.. سر اعتزال محمود الجندي وسبب انفصاله عن عبلة كامل

تحل اليوم ذكرى ميلاد الفنان محمود الجندي، أحد أبرز نجوم الفن، الذي ترك بصمة لا تُمحى في السينما والمسرح والتلفزيون.
اشتهر بخفة ظله وأدائه العفوي، وتميز بقدرته على تقديم الأدوار المتنوعة، من الكوميديا إلى التراجيديا، بأسلوب جعل منه نجمًا محبوبًا لدى الجمهور.
ولد محمود الجندي في 24 فبراير 1950 بمحافظة البحيرة، ورغم نشأته في بيئة بعيدة عن الأضواء، إلا أن شغفه بالفن قاده لدراسة التمثيل، حيث التحق بالمعهد العالي للسينما وتخرج فيه عام 1967، وقضى سنوات طويلة في الوسط الفني، لكنه لم يكن مجرد ممثل عابر، بل صنع لنفسه مكانة خاصة في قلوب محبيه، حتى رحل عن عالمنا في 11 أبريل 2019 عن عمر ناهز 74 عامًا إثر أزمة قلبية مفاجئة.
رحلة صعود.. من المصنع إلى خشبة المسرح
قبل أن يشق طريقه نحو الفن، التحق محمود الجندي بمدرسة الصنايع، حيث درس في قسم النسيج، ثم عمل في أحد المصانع لفترة قصيرة، لكن شغفه بالتمثيل دفعه للالتحاق بالمعهد العالي للسينما، وهو القرار الذي غيّر مسار حياته بالكامل، بعد تخرجه، التحق بالخدمة العسكرية لمدة سبع سنوات، وكان أحد المشاركين في حرب أكتوبر 1973، وهو ما جعله يشعر دائمًا بالفخر كجندي قبل أن يكون فنانًا.
شهدت السينما المصرية بزوغ نجم محمود الجندي منذ السبعينيات، حيث قدّم عشرات الأفلام التي تنوعت بين الأكشن، والدراما الاجتماعية، والكوميديا، من أبرز أعماله "شمس الزناتي"، "اللعب مع الكبار"، "واحد من الناس"، "جزيرة الشيطان"، "التوت والنبوت"، "كاباريه"، "سمير وشهير وبهير"، و"ليلة البيبي دول"، وغيرها من الأفلام التي تركت بصمة واضحة لدى الجمهور.
كما لم تخلُ مسيرته من تجارب الإنتاج السينمائي، لكنه خاض تجربة واحدة فقط من خلال فيلم "المرشد" عام 1989، لكنها لم تحقق النجاح المتوقع، ما جعله يبتعد عن الإنتاج ويركّز على التمثيل.
موقف محرج مع أحمد رمزي وعمر الشريف
لم تخلُ مسيرته من المواقف الطريفة والغريبة، منها واقعة كشف عنها خلال مقابلة نادرة، حيث قال إنه تعرض للصفع على وجهه من الفنان الراحل أحمد رمزي أمام النجم العالمي عمر الشريف، وروى الجندي أنه كان جالسًا في أحد الفنادق عندما التقى برمزي والشريف، لكن الجلسة لم تكن مناسبة له فحاول الانسحاب، مما أثار غضب رمزي الذي صفعه على سبيل المزاح، بينما اكتفى الشريف بالمشاهدة، مؤكدًا له لاحقًا أنه لو حاول التدخل لمنع رمزي، لكان تعرض هو الآخر للضرب!
حياة شخصية مليئة بالتقلبات
لم يكن مشوار محمود الجندي الفني وحده هو المليء بالتقلبات، بل شملت حياته الشخصية أيضًا العديد من المحطات المثيرة. تزوج أربع مرات، وكان زواجه الأول من ضحى حسن، التي أنجب منها أربعة أبناء، من بينهم المخرج أحمد الجندي، استمرت هذه الزيجة حتى وفاتها عام 2001 إثر حادث حريق مأساوي في منزلهما.
بعد ذلك، تزوج من سيدة أخرى أنجب منها ابنته الصغرى مريم، ثم في عام 2003، تزوج من الفنانة عبلة كامل، وهي الزيجة التي لم تستمر أكثر من عامين، حيث انفصلا بسبب شعوره بأن نجاحها الفني طغى على وجوده، وكان يرفض أن يُعامل كـ"زوج الفنانة المشهورة"، رغم الاحترام المتبادل بينهما، أما زيجته الأخيرة فكانت من هيام جمال إسماعيل، ابنة الفنان الراحل جمال إسماعيل، والتي بقيت معه حتى وفاته.
في أواخر حياته، أثارت زيارة محمود الجندي للعراق جدلًا واسعًا، خاصة بعد انتشار صور له مرتديًا زي الجيش العراقي، لكنه أوضح لاحقًا أن زيارته كانت بدعوة من الحشد الشعبي، وأنها لم تكن مرتبطة بأي انتماء ديني أو سياسي، بل جاءت كتعاطف مع ما حدث في العراق من مجازر إنسانية.
اعتزال الفن اعتراضًا على الأوضاع
في يوليو 2017، أعلن محمود الجندي اعتزاله الفن بشكل مفاجئ، مبررًا قراره بأن الوسط الفني لم يعد يحترم الفنانين، وأنه لم يعد يستطيع تحمّل أسلوب التعامل الذي أصبح قائمًا على "التجارة" أكثر من الإبداع، وقال في أحد لقاءاته: "الأجواء في الوسط الفني أصبحت لا تحترم الفن أو الفنان، هناك إهدار للكرامة وهذا ما لا أقبله، لذلك قررت الابتعاد".
لكنه عاد للظهور مرة أخرى في أعمال قليلة، كان آخرها مسلسل "الأب الروحي"، قبل أن يودّع الحياة في 11 أبريل 2019، تاركًا وراءه إرثًا فنيًا سيظل خالدًا في ذاكرة محبيه.