عاجل

"مُجرد بَخه".. بخاخ جديد يحمي من الفيروسات ويُوقف الإنفلونزا

بخاخ
بخاخ

في إنجاز طبي قد يعيد رسم ملامح مكافحة الأمراض الفيروسية، أعلن علماء من جامعة ولاية أوهايو عن تطوير بخاخ أنفي جديد يحتوي على أجسام مضادة قوية، تم تصميمها خصيصًا للتصدي لأكثر سلالات الإنفلونزا خطورة وانتشارًا. 

هذا الابتكار يُتوقع أن يحدث ثورة في طريقة الوقاية من الإنفلونزا الموسمية، ويمنح الأمل في حماية فعالة وسريعة خاصةً للفئات الأكثر عرضة للمضاعفات.


الإنفلونزا: فيروس سريع التحور يعاند اللقاحات التقليدية

من المعروف أن فيروس الإنفلونزا يتغير باستمرار، إذ يمر بتحورات موسمية تجعله قادرًا على الهروب من استجابات الجهاز المناعي. ورغم وجود لقاحات سنوية، إلا أن فعاليتها تكون محدودة في كثير من الأحيان، خاصة عند ظهور سلالات جديدة. لذلك، أصبح من الضروري البحث عن وسائل وقاية أكثر قدرة على مجاراة هذا الفيروس المتقلب، وتوفير حماية فورية وسريعة عند الحاجة.


أجسام مضادة فريدة من نوعها: IgM بأذرع عشرية

الابتكار الجديد يعتمد على نوع متطور من الأجسام المضادة يُعرف باسم IgM، وهو يتميز بامتلاكه عشرة "أذرع" بدلاً من اثنتين كما هو الحال في الأجسام المضادة العادية (IgG). هذا التصميم الفريد يمنح هذه الأجسام المضادة قدرة أكبر على الارتباط بالفيروس ومقاومته، حتى وإن تغير شكله الجزيئي نتيجة التحورات.

هذا التطور يجعل الأجسام المضادة من نوع IgM أداة فعالة للغاية في مواجهة الفيروسات المتحورة، ويزيد من احتمالية منع العدوى في مهدها.


كيف يعمل البخاخ الأنفي؟

بدلًا من الاعتماد على الحقن، اختار العلماء توصيل هذا العلاج عن طريق بخاخ أنفي. هذه الطريقة ليست فقط أقل إزعاجًا للمريض، بل إنها تضمن توصيل الأجسام المضادة مباشرة إلى الأغشية المخاطية في الأنف والرئتين، وهما المنطقتان الأساسيتان لدخول فيروس الإنفلونزا إلى الجسم.

ويكمن جمال هذه الطريقة في أنها تستهدف موقع الإصابة الأول مباشرة، مما يمنح الجسم فرصة أفضل لمواجهة العدوى قبل أن تنتشر.

 

نتائج التجارب على الحيوانات: فعالية مذهلة

خلال تجارب معملية أُجريت على الفئران، تمكن البخاخ الأنفي من منع العدوى تمامًا أو تقليل حدّتها بشكل كبير، حتى عند تعرّض الحيوانات لجرعات قاتلة من فيروس الإنفلونزا. ليس هذا فحسب، بل استمرت فعالية العلاج لمدة تصل إلى سبعة أيام بعد الاستخدام، وهو ما يعد مؤشرًا قويًا على فعاليته المحتملة للبشر أيضًا.


هل يمثل هذا البخاخ مستقبل الوقاية من الإنفلونزا؟

بحسب العلماء، فإن استخدام بخاخ أنفي يحتوي على أجسام مضادة متعددة الأذرع قد يشكل مستقبلًا واعدًا في الوقاية السريعة والفعالة، خاصة عند انتشار سلالات وبائية جديدة مثل إنفلونزا الطيور أو الإنفلونزا ذات الأصول الحيوانية.

وعلاوة على ذلك، فإن بساطة استخدام البخاخ - عبر رشة واحدة فقط - تجعل منه خيارًا مثاليًا لكبار السن، والمرضى الذين يعانون من مشاكل صحية مزمنة، والذين قد يصعب عليهم تحمل اللقاحات أو العلاجات التقليدية.


تطبيقات مستقبلية تتجاوز الإنفلونزا

تجدر الإشارة إلى أن الفريق البحثي كان قد استخدم نفس التكنولوجيا سابقًا في تطوير بخاخ مشابه لعلاج فيروس كورونا المستجد، مما يفتح الباب أمام استخدام هذا النوع من الأجسام المضادة في علاج أمراض أخرى مثل التهابات الجهاز التنفسي، وربما حتى السرطان في المستقبل، وفقًا لتصريحات الباحثين.


بخاخ واحد قد يحمي الملايين

نُشرت تفاصيل هذا الابتكار في مجلة Nature Communications، حيث عبّر الخبراء عن تفاؤلهم بإمكانية استخدام البخاخ الأنفي كأداة وقاية أساسية ضد الإنفلونزا وسلالاتها المستقبلية. ففي عالم يشهد تحورات فيروسية مستمرة، يبدو أن "رشة واحدة" قد تكون كافية لحماية الأرواح وتقليل أعباء المرض على أنظمة الرعاية الصحية.

هذا الاكتشاف لا يقدم فقط بديلاً للقاحات، بل يغيّر مفهوم الوقاية بالكامل، ويمنحنا سلاحًا جديدًا ضد أحد أقدم أعداء البشرية: فيروس الإنفلونزا.

تم نسخ الرابط