ارتفاع الكورتيزول.. حين يصبح التوتر خطرًا صامتًا

في عالم تتسارع فيه الضغوط النفسية والإجهاد المستمر، يبرز هرمون الكورتيزول باعتباره أحد أكثر المؤشرات البيولوجية حساسية للتوتر. ويُعرف هذا الهرمون باسم "هرمون التوتر"، وتفرزه الغدة الكظرية كاستجابة طبيعية لحالات الضغط الذهني أو الجسدي، لكنه قد يتحول إلى تهديد صامت إذا استمر ارتفاعه لفترات طويلة.
هرمون الكورتيزول
الكورتيزول هو هرمون ستيرويدي ضروري للعديد من الوظائف الحيوية، فهو يساعد الجسم على تنظيم ضغط الدم، ومستوى السكر في الدم، ويؤثر على النوم، والالتهابات، واستخدام الجسم للدهون والكربوهيدرات والبروتينات. كما يُعد من العناصر الأساسية في استجابة الجسم لحالات "القتال أو الهروب".
لكن المشكلة تبدأ حين يبقى هذا الهرمون في مستويات مرتفعة بشكل مزمن، ما يؤدي إلى ظهور أعراض وأضرار على المدى الطويل.
علامات ارتفاع الكورتيزول
في منشور توعوي عبر "إنستغرام"، حذّرت خبيرة التغذية البريطانية إيلي بريشر، مقدّمة بودكاست "The Gut 360"، من تجاهل بعض العلامات التي تشير إلى ارتفاع الكورتيزول، موضحة أن كثيرًا من الناس يعانون من هذا الاضطراب دون أن يدركوا ذلك.
وقالت بريشر إن ارتفاع الكورتيزول لا يسبب أعراضًا موحدة، بل يختلف تأثيره من شخص إلى آخر، ما يجعل تشخيصه صعبًا في كثير من الأحيان.
أعراض رئيسية
- زيادة الوزن المفاجئة، خاصة حول الخصر، والوجه، والجزء العلوي من الظهر، وذلك بسبب تأثير الكورتيزول على تخزين الدهون.
- احمرار الوجه، حيث يُلاحظ بعض الأشخاص توردًا غير معتاد في الوجه، خصوصًا في أوقات التوتر.
- الإرهاق المستمر والانفعال الزائد، مما يسبب مشكلات في التركيز، وصداعًا مزمنًا، واضطرابات في المزاج.
- ارتفاع ضغط الدم، حتى في غياب عوامل وراثية أو نمط حياة غير صحي.
- ترقق الجلد وضعف العضلات، ما يزيد من احتمالية الإصابة بالكدمات بسهولة أو الشعور بالتعب العضلي دون مجهود كبير.
اضطرابات خطيرة
يشير الأطباء إلى أن ارتفاع مستوى الكورتيزول المزمن قد يؤدي إلى اضطرابات خطيرة، أبرزها:
- زيادة خطر الإصابة بأمراض القلب والشرايين.
- اضطرابات النوم المزمنة والأرق.
- ضعف الجهاز المناعي، ما يجعل الجسم أكثر عرضة للعدوى.
- مشكلات في الهضم والصحة المعوية.
- القلق والاكتئاب على المدى الطويل.
- ارتفاع سكر الدم وزيادة خطر الإصابة بمرض السكري من النوع الثاني.
زيارة الطبيب
يجب عليك زيارة الطبيب إذا لاحظت استمرار الأعراض السابقة، خصوصًا مع وجود ضغوط نفسية أو إرهاق جسدي مستمر، من الضروري مراجعة الطبيب. يمكن فحص مستويات الكورتيزول من خلال اختبارات الدم أو اللعاب أو البول، وغالبًا ما يوصى بإجراء هذه التحاليل في أوقات مختلفة من اليوم للحصول على تقييم دقيق.
خفض الكورتيزول
حتى دون الحاجة للعلاج الدوائي، هناك تغييرات بسيطة في نمط الحياة يمكن أن تساعد على استعادة التوازن الطبيعي لمستوى الكورتيزول:
الالتزام بروتين نوم منتظم
النوم الجيد ليلاً يساعد على تقليل مستويات الكورتيزول. حاول النوم والاستيقاظ في مواعيد ثابتة، مع تقليل التعرض للشاشات قبل النوم.
تمارين التنفس والتأمل
تقنيات مثل اليوغا، والتأمل، وتمارين التنفس العميق، تقلل من نشاط الجهاز العصبي الودي وتعيد الجسم إلى حالة التوازن.
النشاط البدني المعتدل
ممارسة التمارين الرياضية بانتظام، مثل المشي أو السباحة أو ركوب الدراجات، تساهم في خفض التوتر وتحسين المزاج.
التغذية الصحية
تناول أطعمة غنية بالبروبيوتيك مثل الزبادي الطبيعي، والمخللات، وكذلك الأطعمة الغنية بالمغذيات مثل:
- الشوكولاتة الداكنة
- البقوليات والعدس
- الشاي الأخضر
- الفواكه والخضراوات الطازجة
- الحبوب الكاملة
- الدهون الصحية كالأفوكادو والمكسرات
الكورتيزول ليس عدوًا في حد ذاته، بل هو عنصر أساسي في الجسم إذا بقي ضمن مستوياته الطبيعية. لكن تجاهل ارتفاعه قد يؤدي إلى تدهور تدريجي في الصحة العامة، خاصة لدى الرجال الذين يعيشون تحت وطأة ضغوط العمل والحياة اليومية. الفحص المبكر، واتباع نمط حياة صحي، كفيلان بكسر دائرة التوتر والوقاية من آثاره الصامتة.