عاجل

برتقالة واحدة فى اليوم.. كيف تُحدث فرقًا كبيرًا فى صحتك النفسية؟

البرتقال
البرتقال

يُعرف البرتقال منذ القدم بأنه منجم طبيعي لفيتامين "C"، ومصدر غني بمضادات الأكسدة التي تعزز المناعة وتحمي الجسم من نزلات البرد والأمراض الموسمية.

 ولكن ما لا يعرفه كثيرون هو أن للبرتقال تأثيرًا أعمق وأبعد من الصحة الجسدية، إذ بات يُنظر إليه اليوم كعنصر غذائي ذي صلة وثيقة بالصحة النفسية والمزاج، وربما يشكّل خط الدفاع الأول ضد الاكتئاب، حسب ما توصلت إليه أبحاث علمية حديثة.

دراسة واسعة النطاق تكشف العلاقة بين البرتقال والاكتئاب

نشرت مجلة Microbiome دراسة لاقت اهتمامًا عالميًا، حيث قام فريق من الباحثين بتحليل بيانات صحية وتغذوية لأكثر من 100 ألف امرأة شاركن في دراسة "صحة الممرضات الثانية" (Nurses’ Health Study II)، وهي واحدة من أكبر الدراسات الوبائية طويلة الأمد التي أُجريت في الولايات المتحدة.

النتائج كانت لافتة: النساء اللواتي تناولن برتقالة واحدة على الأقل يوميًا انخفض لديهن خطر الإصابة بالاكتئاب بنسبة قد تصل إلى 20% مقارنة باللواتي نادرًا ما تناولن الحمضيات أو لم يتناولنها على الإطلاق. هذا الاكتشاف أثار دهشة الأطباء وخبراء التغذية، خصوصًا أن الفواكه الأخرى مثل التفاح والموز لم تُظهر التأثير الإيجابي نفسه، مما يُسلّط الضوء على تفرّد البرتقال في تركيبته وتأثيره الحيوي.

البرتقال
البرتقال

بكتيريا صغيرة.. تأثير كبير على المزاج

تعمّقت الدراسة في تفسير الآلية المحتملة وراء هذا التأثير المفاجئ، فوجد الباحثون أن السر يكمن في الميكروبيوم المعوي، أي مجموعة البكتيريا النافعة التي تعيش في الأمعاء. حيث تبيّن أن تناول البرتقال يُحفّز نمو نوع معيّن من هذه البكتيريا تُدعى Faecalibacterium prausnitzii، والتي تلعب دورًا حاسمًا في دعم الصحة النفسية من خلال إنتاج الناقلات العصبية مثل "السيروتونين" و"الدوبامين" المعروفة باسم "هرمونات السعادة".

المثير في الأمر أن مستويات هذه البكتيريا تكون منخفضة لدى الأشخاص المصابين بالاكتئاب، مما يجعل تعزيز نموها أحد مفاتيح تحسين المزاج والوقاية من الاضطرابات النفسية.

البرتقال ليس دواءً لكنه وسيلة وقائية طبيعية وفعالة

رغم أن البرتقال لا يُعتبر علاجًا مباشرًا لحالات الاكتئاب أو القلق، فإن إدخاله ضمن نظام غذائي متوازن يمكن أن يُساهم في تحسين المزاج وتقليل احتمالية الإصابة بأمراض نفسية. فهذه الفاكهة اللذيذة لا تُقدّم فيتامين "C" فحسب، بل تُزوّد الجسم بالألياف الغذائية التي تعزز صحة الجهاز الهضمي، ومضادات الأكسدة التي تحارب الالتهاب في الجسم والدماغ، إضافة إلى تأثيرها المباشر على توازن البكتيريا النافعة.

ويُشير الباحثون إلى أن دور الغذاء اليوم لم يعد محصورًا في تزويد الجسم بالطاقة، بل بات يُنظر إليه بوصفه "معلومة حيوية" تُخاطب خلايا الجسم وتتفاعل مع الجهاز العصبي، وقد تُحدث تغيرات نفسية عميقة تدعم الشعور بالاستقرار والراحة النفسية.

البرتقال
البرتقال

إضافة البرتقال إلى روتينك اليومي: خطوة بسيطة بتأثير كبير

في ظل تزايد الضغوط النفسية التي يفرضها نمط الحياة الحديث، أصبحت الحاجة ملحّة إلى حلول وقائية طبيعية تُخفف العبء عن الصحة النفسية، دون الاعتماد الكامل على الأدوية أو المكملات. وهنا تبرز الحمضيات، وعلى رأسها البرتقال، كأحد الخيارات الغذائية الذكية التي يمكن أن تُحدث فارقًا حقيقيًا.

ليس من الضروري إجراء تغييرات جذرية في النظام الغذائي؛ فقد تكون إضافة برتقالة صباحية أو كأس من عصير البرتقال الطبيعي كافية لتعزيز توازن الأمعاء وتحفيز مراكز السعادة في الدماغ. وهذه خطوة لا تحتاج إلى وصفة طبية، لكنها تحتاج إلى وعي بأهمية ما نضعه في أطباقنا كل يوم.

الغذاء والعقل.. علاقة معقّدة تستحق التأمل

تُعيد هذه الدراسة طرح سؤال كبير طالما حيّر العلماء: إلى أي مدى يُمكن أن يؤثر ما نأكله في شعورنا، وسلوكنا، وحتى قراراتنا اليومية؟ فبينما اعتدنا التفكير في الغذاء كعامل جسدي بحت، تظهر الآن أدلة متزايدة تؤكد أن أمعاءنا ليست مجرد أجهزة هضم، بل "عقول ثانية" تملك قدرة مدهشة على التأثير في حالتنا النفسية والعاطفية.

البرتقال... سلاح جديد في معركة الاكتئاب

ربما لم يكن يخطر ببال أحد أن فاكهة بسيطة ومألوفة كبرتقالة يومية قد تكون لها القدرة على تغيير كيمياء الدماغ والمساهمة في درء أخطر أمراض العصر، ألا وهو الاكتئاب. وبينما لا يمكن لثمرة واحدة أن تحل كل المشكلات، إلا أن هذه الدراسة تُذكرنا بأهمية العودة إلى الطبيعة، وبأن الحلول الكبيرة غالبًا ما تبدأ بخطوات صغيرة.

تم نسخ الرابط