بين الزينة والحرمة.. رأي دار الإفتاء في عمل الوشم (التاتو)

أثار انتشار ظاهرة “التاتو” أو ما يُعرف بالوشم بين الشباب والفتيات في السنوات الأخيرة جدلًا واسعًا حول مشروعيته في الإسلام، لا سيما مع تنوّع أنواعه بين الدائم والمؤقت، واختلاف الوسائل المستخدمة فيه وأجابت دار الإفتاء عما ورد إليها من سؤال ( هل عمل التاتو حرام ؟
الوشم بين التحريم والإباحة
ينقسم الوشم في صورته الحديثة إلى نوعين رئيسيين: وشم دائم ووشم مؤقت، ولكلٍ منهما أحكامه في الشريعة الإسلامية.
أولًا: الوشم الدائم
وهو الذي يُعرف بالمعنى التقليدي للوشم، ويتم من خلال ثَقب الجلد باستخدام إبرة أو أداة حادة، ثم يُدخل في موضع الجرح مادة صبغية (مثل الحبر أو الكحل المحروق)، فتترك أثرًا دائمًا على الجلد على هيئة رسوم أو نقوش.
وقد أجمع العلماء على حرمة هذا النوع من الوشم، بل واعتبروه من الكبائر، لما فيه من تغيير لخلق الله، واستدلالًا بما ورد في الصحيحين عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال:
“لعن الله الواشمات والمستوشمات، والنامصات والمتنمصات، والمتفلجات للحسن المغيرات خلق الله.”
واللعن في الحديث يدل على أن هذا الفعل من الكبائر، لأن اللعن لا يكون إلا على ذنبٍ عظيم.
وقد صرّح فقهاء المذاهب الأربعة بحرمة هذا النوع، سواء للرجل أو المرأة، واعتبر بعضهم أن إثم الرجل فيه أشد.
قال الشيخ العدوي المالكي في شرحه: “الوشم حرام في الوجه وغيره، سواء على الرجل أو المرأة، وهو من الكبائر.”
وقال الخطيب الشربيني الشافعي: “الوشم، وهو غرز الجلد بالإبرة وإضافة صبغة إليه، محرم شرعًا، لما فيه من تغيير الخِلقة.”
ثانيًا: الوشم المؤقت
أما الوشم المؤقت، وهو الذي تستخدمه النساء غالبًا لأغراض الزينة – مثل رسم الحواجب بالصبغات، أو وضع الكحل، أو عمل نقوش مؤقتة بالحناء أو الصبغات التي تزول بعد فترة قصيرة – فهو جائز ولا يدخل في التحريم.
الفرق الجوهري هنا أن هذا النوع لا يُحدِث تغييرًا دائمًا في الجلد، ولا يتسبب في ندوب أو تغييرات خلقية مستمرة.
وقد فرّق العلماء بين النوعين، فذكر الإمام المواق في “التاج والإكليل” أن المنهي عنه هو ما يبقى أثره، أما ما يزول مثل الكحل ونحوه فلا بأس به.
كما قال الإمام القرطبي: “النهْي إنما هو في الوشم الدائم، أما الزينة المؤقتة فلا تدخل في دائرة التحريم.