عاجل

التوتر يرفع خطر الزهايمر لدى النساء أكثر من الرجال .. دراسة حديثة

 التوتر المزمن والزهايمر
التوتر المزمن والزهايمر

في ظل الارتفاع الملحوظ في معدلات الإصابة بمرض الزهايمر بين النساء حول العالم، بدأت الأوساط العلمية تبحث بجدية عن الأسباب الكامنة وراء هذا التفاوت الواضح بين الجنسين.

 وفي هذا السياق، كشفت دراسة حديثة أجرتها جامعة واشنطن في سانت لويس عن أحد العوامل البيولوجية المثيرة للاهتمام، وهو تأثير التوتر المزمن على الدماغ، خاصة لدى النساء، وما إذا كان يسهم في رفع خطر الإصابة بالزهايمر لديهن مقارنة بالرجال.

النساء أكثر عرضة للزهايمر رغم أعمارهن الأطول

تشير الإحصاءات الطبية إلى أن النساء لا يعشن فقط أطول من الرجال بمعدل سبع سنوات تقريبًا، بل إنهن أيضًا أكثر عرضة للإصابة بمرض الزهايمر بنسبة تصل إلى الضعف. هذا الواقع أثار تساؤلات كثيرة حول ما إذا كانت الفروقات البيولوجية أو النفسية أو البيئية تلعب دورًا في ذلك.

وبينما اعتُبر في السابق أن هذا التفاوت يعود فقط إلى طول العمر أو الاختلافات الهرمونية، جاءت الدراسة الجديدة لتسلّط الضوء على عامل مختلف: الاستجابة العصبية للتوتر.

ماذا يحدث في الدماغ عند التوتر؟

أجرى الباحثون تجاربهم على ذكور وإناث الفئران، وراقبوا نشاط أدمغتهم عند تعرّضهم لحالة من التوتر العالي. وركزت الدراسة تحديدًا على مراقبة مستويات بروتين يُعرف باسم "أميلويد بيتا"، وهو أحد البروتينات المرتبطة بشكل وثيق بمرض الزهايمر، إذ يُعتقد أن تراكمه في الدماغ يؤدي إلى تدهور الذاكرة وتلف الخلايا العصبية.

تم تتبّع مستويات هذا البروتين على مدار 22 ساعة، بدءًا من ثماني ساعات قبل التعرّض للتوتر وحتى ما بعده. وكانت النتائج لافتة: فعلى الرغم من أن كلا الجنسين أظهر استجابة هرمونية مماثلة للتوتر (مثل ارتفاع الكورتيزول)، إلا أن أدمغة الإناث تفاعلت بشكل مختلف تمامًا.

تفاعل أسرع وأقوى في أدمغة الإناث

خلال أول ساعتين من تعرّض الفئران للتوتر، ارتفعت مستويات بروتين "أميلويد بيتا" بشكل ملحوظ في أدمغة الإناث، وظلت مرتفعة طوال فترة المراقبة. أما الذكور، فلم تُسجَّل تغيّرات تُذكر، باستثناء 20% فقط أظهروا ارتفاعًا بسيطًا ومتأخرًا في مستويات البروتين.

يشير هذا إلى أن أدمغة الإناث تتأثر بشكل أسرع وأعمق بالتوتر، ما قد يجعلها أكثر عرضة لتراكم البروتينات المرتبطة بالزهايمر بمرور الوقت.

السبب؟ خلايا عصبية تستجيب للتوتر بشكل خاص

أرجع الباحثون هذه الفروقات إلى نوع خاص من الخلايا العصبية الموجودة في أدمغة الإناث، والتي تمتص هرمونات التوتر وتُفعّل سلسلة من التفاعلات تؤدي إلى ارتفاع مستوى "أميلويد بيتا". في المقابل، تفتقر أدمغة الذكور لهذا النوع من الخلايا، ما يجعل استجابتهم العصبية للتوتر أقل حدة.

ورغم أن الدراسة أُجريت على الفئران، إلا أن الباحثين يؤكدون وجود مؤشرات على وجود استجابات بيولوجية مشابهة في أدمغة البشر.

تفسيرات متعددة ولكن التوتر أحد العوامل المهمة

يقول البروفيسور جون سيريتو، الأستاذ المساعد في علم الأعصاب بجامعة واشنطن والمؤلف الرئيسي للدراسة:
"هناك فرق بيولوجي أساسي بين الذكور والإناث في كيفية استجابتهم للتوتر على المستوى الخلوي، وهذا الفرق قد يكون عاملًا مساعدًا في تفسير الفجوة بين الجنسين في معدلات الإصابة بالزهايمر."

ويضيف: "لا نعتقد أن التوتر وحده هو العامل الحاسم، بل إن هناك مجموعة من العوامل الأخرى مثل التقلبات الهرمونية، وأنماط النوم، والتغذية، ونمط الحياة العام، لكن يبقى التوتر عنصرًا حاسمًا ينبغي الانتباه له."

كيف نحمي أدمغتنا من آثار التوتر؟

مع تزايد الأدلة على الأثر السلبي للتوتر على الدماغ، خاصة لدى النساء، ينصح الخبراء بمجموعة من الأساليب الوقائية التي يمكن أن تساهم في تقليل تأثير التوتر وتحسين صحة الدماغ على المدى الطويل:

  • ممارسة التأمل أو اليوغا: لتهدئة الجهاز العصبي وتخفيف القلق.
  • التمارين الرياضية المنتظمة: مثل المشي أو السباحة لتحفيز إفراز الإندورفين، الذي يُعرف بهرمون السعادة.
  • الابتعاد عن مصادر التوتر المزمن: مثل الضغوط الاجتماعية أو بيئات العمل المرهقة.
  • التواصل الاجتماعي: الحفاظ على علاقات قوية وداعمة يساهم في تحسين الصحة النفسية.
  • الاهتمام بالتغذية: تناول الأغذية الغنية بالأوميغا 3 والمغنيسيوم.
  • استخدام مكملات طبيعية: مثل الأشواجندا والماغنيسيوم، بعد استشارة الطبيب.

التوتر ليس مجرد حالة نفسية عابرة

الدراسة الجديدة تعيد طرح التوتر كعامل بيولوجي له تأثيرات عميقة على صحة الدماغ، لا سيما لدى النساء. ومع أن الطريق لا يزال طويلًا لفهم العلاقة الكاملة بين التوتر والزهايمر، إلا أن هذه النتائج تمثل خطوة مهمة نحو فهم أوسع للفروق بين الجنسين في الأمراض العصبية، وتشدد في الوقت نفسه على أهمية إدارة التوتر كجزء من الوقاية الصحية

تم نسخ الرابط