ضخامة رأس الطفل بعد الولادة.. متى يكون الأمر مقلقًا؟

تنتاب العديد من الأمهات حالة من القلق والتوتر بعد ملاحظة أن رأس الطفل المولود حديثًا يبدو أكبر من الحجم الطبيعي، خاصة خلال الأيام أو الأسابيع الأولى بعد الولادة.
هذا القلق يتضاعف حين لا تعرف الأسرة ما إذا كانت هذه الضخامة طبيعية ومؤقتة، أم أنها مؤشر على وجود مشكلة صحية خطيرة تستدعي تدخلاً طبياً عاجلاً.
في هذا السياق، يوضح الدكتور أحمد عبد القادر، استشاري المخ والأعصاب، الأسباب المحتملة لضخامة رأس الطفل بعد الولادة، وما هي العلامات التي تستدعي القلق، وكيف يمكن التفرقة بين الحالات الطبيعية وتلك التي تتطلب تدخلاً طبياً.
متى يُعد حجم الرأس طبيعيًا؟
يؤكد الدكتور عبد القادر، أن رأس الطفل حديث الولادة يُعد أحد أبرز المؤشرات الصحية التي يراقبها الطبيب فور الولادة وخلال زيارات المتابعة الأولى.
ويُقاس محيط الرأس بواسطة شريط قياس غير مطاطي يلف حول الجبهة وأكبر نقطة في مؤخرة الرأس، وتُقارن النتائج بالمعدلات العالمية.
المعدل الطبيعي لمحيط رأس الطفل:
للذكور: حتى 36.7 سم.
للإناث: حتى 36.6 سم.
ويشير إلى أن أي زيادة ملحوظة عن هذه الأرقام قد تكون مؤشراً على حالة طبية كامنة، خصوصًا إذا صاحب هذه الزيادة أعراض أخرى غير طبيعية في النمو أو السلوك.
ما أسباب ضخامة رأس الطفل؟
تتعدد الأسباب التي يمكن أن تؤدي إلى كبر حجم رأس الطفل عن الطبيعي، وتتراوح ما بين حالات بسيطة وسليمة، وأخرى أكثر تعقيدًا وخطورة.
ومن أبرز هذه الأسباب:
1. الاستسقاء الدماغي (Hydrocephalus)
يُعد من أكثر الأسباب شيوعًا لضخامة الرأس عند الرضع، ويحدث عندما يتراكم السائل الدماغي الشوكي داخل تجاويف الدماغ نتيجة انسداد في مسارات التصريف.
هذا التراكم يؤدي إلى زيادة الضغط داخل الجمجمة، مما يدفع الرأس للنمو بشكل غير طبيعي.
الأعراض المصاحبة:
توسع غير طبيعي في اليافوخ.
صعوبة في الرضاعة أو القيء المتكرر.
تغيرات في حركة العين.
قلة النشاط أو الخمول.
2. أورام الدماغ
رغم ندرة هذه الحالة لدى حديثي الولادة، إلا أنها من الأسباب المحتملة التي تؤدي إلى تضخم الرأس، خاصة إذا كانت هذه الأورام تؤثر على تدفق السائل الدماغي أو تضغط على أنسجة الدماغ.
3. العوامل الوراثية
في بعض الحالات، يكون كبر حجم الرأس سمة وراثية عائلية، ولا يشير إلى أي مرض، بل يكون الطفل سليمًا من الناحية العصبية. ويتم التحقق من هذا الأمر من خلال فحص التاريخ العائلي ومراقبة التطور العقلي والحركي للطفل.
4. نزيف دماغي أو تلف دماغي قبل أو أثناء الولادة
قد تؤدي بعض المضاعفات أثناء الحمل أو الولادة إلى تلف في أنسجة المخ أو حدوث نزيف داخلي، ما يتسبب في تجمع سوائل أو ضغط غير طبيعي داخل الجمجمة.

متى يجب زيارة الطبيب فورًا؟
يحذر الدكتور أحمد عبد القادر، من تجاهل بعض العلامات التي قد ترافق ضخامة رأس الطفل، وينصح بضرورة التوجه إلى طبيب الأطفال أو طبيب الأعصاب المختص فور ملاحظة:
نمو سريع وغير طبيعي في محيط الرأس خلال فترة قصيرة.
وجود انتفاخ في اليافوخ لا يزول عند اللمس.
تغيرات سلوكية مثل الخمول أو ضعف التفاعل مع المحيط.
صعوبة في الرضاعة أو التقيؤ المستمر.
تأخر واضح في التطور الحركي أو الحسي.
طرق التشخيص والمتابعة
عادة ما يبدأ التشخيص بقياس دقيق لمحيط الرأس، ثم متابعة النمو من خلال منحنى بياني يُقارن بالمعدلات الطبيعية لعمر الطفل. وإذا أظهرت القياسات نمواً غير طبيعي، يلجأ الأطباء إلى وسائل التصوير مثل:
الأشعة فوق الصوتية (في حال لم يغلق اليافوخ بعد).
أشعة الرنين المغناطيسي MRI.
أشعة مقطعية CT Scan، لتحديد وجود أي خلل في أنسجة أو تجاويف الدماغ.
هل يمكن الوقاية من ضخامة الرأس؟
رغم أن بعض الأسباب تكون وراثية أو ناتجة عن ظروف يصعب تجنبها، فإن المتابعة الطبية الدقيقة للأم أثناء الحمل، والولادة الآمنة، والفحص الدوري للطفل بعد الولادة، كلها عوامل تساهم بشكل كبير في الوقاية من المضاعفات والتدخل المبكر عند الضرورة.
ضخامة رأس الطفل بعد الولادة ليست دائمًا مدعاة للذعر، لكنها مؤشر لا يجب إهماله.
من المهم أن تتم مراقبة نمو رأس الطفل من قبل الأسرة والطبيب بشكل منتظم، لأن التشخيص المبكر يساهم في الوقاية من مضاعفات طويلة الأمد تؤثر على صحة الدماغ ونمو الطفل العقلي والحركي.