ما حكم الحج عن الميت الغير مستطيع؟.. الإفتاء توضح

مع اقتراب موسم الحج، تتزايد تساؤلات الأهالي حول إمكانية أداء مناسك الحج نيابة عن أحبائهم الذين رحلوا دون أن يؤدوها، خاصة إذا كانت تركتهم لا تكفي لتغطية نفقات الحج.
وفي هذا السياق، ورد إلى دار الإفتاء المصرية استفسار ما حكم الحج عن المتوفاة إذا كان مال تركتها لا يكفي؟
دار الإفتاء توضح حكم الحج عن الميت
يجوز الحج عن الميت الذي لم يؤد فريضة الحج مع استطاعته السبيل إليه؛ سواء أكان المؤدي وارثًا أم غير وارث؛ لما روي عن ابن عباس رضي الله عنهما: أن امرأة من جهينة جاءت إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم فقالت: إن أمي نذرت أن تحج فلم تحج حتى ماتت؛ أفأحج عنها؟ قال: «نَعَمْ، حُجِّي عَنْهَا؛ أَرَأَيْتِ لَوْ كَانَ عَلَى أُمِّكِ دَيْنٌ أَكُنْتِ قَاضِيَةً؟ اقْضُوا اللهَ؛ فَاللهُ أَحَقُّ بِالْوَفَاءِ» رواه البخاري والنسائي بمعناه.
وفي "شرح مسلم" للنووي: أن جواز الحج عن الميت مذهب جمهور الأئمة؛ سواء أكان العجز عن حج مفروضٍ أم عن حج منذور، وسواء أوصى به الميت أم لا، ويجزئ عنه.
وقال مالك والليث: لا يحج أحدٌ عن أحدٍ إلا عن ميتٍ لم يحج حجة الإسلام، ويشترط لجواز هذه النيابة أن ينوي النائب الحج عن المتوفى، فالأفضل عند الحنفية أن يكون النائب قد أدى فريضته عن نفسه إذا تحقق وجوبها عليه، كما يشترط لجوازها أيضًا أن تكون نفقة المأمور بالحج من مال الآمر؛ سواء أكان متبرعًا ببعضه أو بجميعه من ماله أم كان من مال المتوفى، والنفقة هي ما يحتاج إليه في الحج من مصاريف السفر برًّا وبحرًا، والطعام والشراب والثياب، وثياب الإحرام والمسكن. ومن هذا يعلم الجواب عن السؤال.
الشروط الواجبة للحج:
أولًا: الإسلام
لا يُكلّف بالحج إلا المسلم، فالكافر لا يُطلب منه أداء هذه العبادة، ولا يُقبل منه إن فعلها.
ثانيًا: البلوغ
يشترط أن يكون الشخص بالغًا، لأن غير البالغ غير مكلّف شرعًا، ولو حج الصغير صحّ حجه، لكنه لا يُسقط عنه الفريضة، ويجب عليه الحج مرة أخرى بعد البلوغ إذا توفر له باقي الشروط.
ثالثًا: العقل
الحج لا يجب على المجنون، لأن العقل شرط أساسي في التكليف، كما أن المجنون لا يُطالب بأي عبادة.
رابعًا: الحرية
في الأحكام الفقهية التقليدية، لا يجب الحج على العبد المملوك، لأنه غير مستقل بنفسه، ولكن إن أذن له سيده وحج، صحّ حجه وله الأجر، ولا يُسقط عنه الفرض، ويجب عليه الحج مرة أخرى بعد العتق.
خامسًا: الاستطاعة
وهذا هو الشرط الأبرز والأوسع، وهو ما نص عليه القرآن الكريم في قوله تعالى:
“ولله على الناس حج البيت من استطاع إليه سبيلًا” [آل عمران: 97].
وتفصيل الاستطاعة كالتالي:
• الاستطاعة المالية: أن يكون لدى المسلم ما يكفي لتكاليف الحج من غير أن يخلّ بضرورات عائلته، كالمأكل والمسكن والدواء. فلا يجب الحج على من لا يملك ما يكفيه ويكفي عائلته.
• الاستطاعة البدنية: أن يكون قادرًا جسديًا على السفر وتحمل مشقة المناسك، فإن كان مريضًا مرضًا لا يُرجى شفاؤه أو عاجزًا عجزًا دائمًا، جاز له أن يُنيب من يحج عنه على نفقته إن استطاع.
• أمن الطريق: من شروط وجوب الحج أيضًا أن يكون الطريق آمنًا، ولا يوجد خطر حقيقي على النفس أو المال