عاجل

في ذكرى رحيل جبرتي العصر... يوسف السباعي صانع الأحلام بين الأدب والسينما

يوسف السباعي
يوسف السباعي

تمر اليوم ذكرى رحيل الكاتب والأديب الكبير يوسف السباعي، أحد أبرز رموز الأدب العربي في القرن العشرين، والذي أثرى المكتبة العربية بمجموعة من الأعمال الأدبية التي تجاوزت حدود الورق لتتحول إلى أفلام خلدها التاريخ السينمائي المصري. 

لم يكن يوسف السباعي مجرد كاتب عادي، بل كان صاحب رؤية خاصة، جمعت بين الرومانسية الحالمة والتأملات العميقة في المجتمع والتاريخ.

نشأة فارس الأدب

وُلِد يوسف السباعي في 17 يونيو 1917 بمنطقة الدرب الأحمر بالقاهرة، ونشأ في كنف أسرة مثقفة، حيث كان والده، محمد السباعي، كاتبًا وصحفيًا ترك بصمته في المجال الأدبي، تأثر الابن بهذه الأجواء، وبدأ يخطو خطواته الأولى في عالم الكتابة منذ سن مبكرة، فكانت أولى قصصه تُنشر وهو ما زال في مرحلة الثانوية عام 1932 في مجلتي «مجلتي» و«المجلة الجديدة».

ورغم شغفه بالأدب، التحق بالكلية الحربية وتخرج منها، ليدمج لاحقًا بين حياته العسكرية وميوله الأدبية، فعمل مدرسًا للتاريخ العسكري، ثم تقلد مناصب عدة حتى وصل إلى رتبة عميد وتولى إدارة المتحف الحربي، لكنه لم يتخلَّ أبدًا عن قلمه، الذي حمل رسائل إنسانية واجتماعية ووطنية.

بين الأدب والسينما

لم تكن أعمال يوسف السباعي مجرد روايات، بل كانت نوافذ تطل منها المشاعر الإنسانية بأصدق صورها، تنوعت كتاباته بين الرومانسية الحالمة، والدراما الاجتماعية، والحكايات الوطنية، مما جعلها مادة غنية للسينما المصرية.

رُد قلبي: ربما يكون هذا العمل هو الأبرز في مسيرته، حيث نجح في تقديم صورة متكاملة للفروقات الطبقية قبل ثورة 1952 من خلال قصة حب مستحيلة بين الأميرة إنجي والجنايني علي، ليتحول لاحقًا إلى ضابط يشارك في الثورة التي غيرت مصير الوطن.

بين الأطلال: من أعظم قصص الحب في السينما المصرية، حيث يحكي عن علاقة مستحيلة بين كاتب كبير وزوجته المريضة وفتاة شابة تصغره بسنوات، ما يجسد صراع القلب والعقل في قالب درامي بديع.

إني راحلة: قصة حب أخرى صاغها السباعي برؤية مختلفة، حيث يصور التضحيات القاسية التي قد يضطر العشاق إلى خوضها، في عمل يعكس العذاب النفسي والصراعات الاجتماعية التي تفرضها التقاليد.

العمر لحظة: بعيدًا عن الرومانسية، قدم السباعي أعمالًا وطنية خلدت أحداثًا تاريخية، ومنها هذا الفيلم الذي يوثق مرحلة النكسة عام 1967، وتأثيرها على المجتمع، خاصة من خلال شخصية صحفية قررت الانخراط في العمل التطوعي لرصد معاناة الجنود الجرحى.

وغيرها من الأعمال التي تحولت إلى أفلا أصحت خالدة في تاريخ السينما، مثل أرض النفاق، شارع الحب، السقا مات، نحن لا نزرع الشوك، مولد يا دنيا، نادية، غرام الأسياد، أم رتيبة.

 

ألقاب متعددة 

لم يكن يوسف السباعي مجرد كاتب روائي، بل كان أيضًا إداريًا بارعًا وصحفيًا مؤثرًا، حيث تولى العديد من المناصب الثقافية والصحفية، حيث شغل منصب نقيب الصحفيين، وأدار عدة مجلات وصحف كبرى، كما كان وزيرًا للثقافة في عهد الرئيس أنور السادات.

لقّبه نجيب محفوظ بـ«جبرتي العصر»، لما قدمه من توثيق للأحداث السياسية والاجتماعية عبر أعماله، بينما وصفه توفيق الحكيم بـ«رائد الأمن الثقافي»، نظرًا لدوره في المجلس الأعلى لرعاية الفنون والآداب والعلوم الاجتماعية، ونادي القصة وجمعية الأدباء.

اغتيال صاحب الأحلام الرومانسية

في 18 فبراير 1978، امتدت يد الغدر إلى يوسف السباعي خلال تواجده في قبرص لحضور مؤتمر آسيوي أفريقي. أثناء تصفحه إحدى المجلات داخل فندق هناك، تعرض لعملية اغتيال على يد رجلين، مما أدى إلى أزمة دبلوماسية بين مصر وقبرص، بعد أن أرسلت مصر وحدة عسكرية خاصة للقبض على الجناة.

رحل يوسف السباعي تاركًا إرثًا ثقافيًا خالدًا، ظل ينبض بالحياة من خلال رواياته وأفلامه، التي لا تزال تسكن قلوب عشاق الأدب والسينما، شاهدةً على موهبة فريدة، صنعت من الحروف أحلامًا، ومن القصص أساطير لا تُنسى.

 

تم نسخ الرابط