أبرز أسباب بطء حرق الدهون لدى النساء ونصائح لحل المشكلة نهائيًا

في ظل الإيقاع المتسارع للحياة اليومية وضغوطها المتزايدة، لم تعد الدهون المتراكمة في الجسم مجرد "احتياطي طاقة" طبيعي يلجأ إليه الجسم عند الحاجة، بل تحوّلت في كثير من الحالات خاصة لدى النساء إلى تهديدٍ صامت يتربص بصحتكِ، ويقوّض توازن هرموناتكِ، بل ويؤثر على ثقتكِ بنفسكِ ومظهركِ الخارجي، إنها ليست مجرد زوائد جسدية تُشوّه القوام، بل عبء صحيّ ونفسيّ يتطلب وعياً حقيقياً للتعامل معه.
لكن في المقابل، يمكن النظر إلى هذه الدهون كميدان معركة قابل للربح، وتحدٍ يمكن تحويله إلى إنجاز صحي مستدام.
فالتخلص منها لا يرتبط فقط بجمال المظهر أو الوصول إلى "جسم مثالي"، بل يمتد ليشمل تقوية المناعة، تحسين الصحة الأيضية، وتنشيط الأداء الذهني والعاطفي.
وأثبتت دراسات عديدة أن فقدان ما لا يزيد عن 5% من الدهون الزائدة في الجسم يمكنه أن يُقلل خطر الإصابة بمرض السكري من النوع الثاني بنسبة تصل إلى 50%، كما أن تقليل الدهون الحشوية – أي الدهون التي تحيط بالأعضاء الحيوية – يسهم في تجديد وظائف الخلايا، ويُبطئ مظاهر الشيخوخة المبكرة.

أولاً: الأسباب التي تُعيق حرق الدهون في جسم المرأة
بحسب الدكتور مهران، فإن عملية حرق الدهون لدى النساء تتأثر بعوامل متعددة، بعضها داخلي يرتبط بالتكوين الهرموني والوراثي، وبعضها الآخر ناتج عن نمط الحياة والظروف الصحية. إليكِ شرحًا موسعًا لهذه العوامل:
1. الهرمونات الأنثوية والتغيرات الهرمونية
تؤدي تقلبات مستويات الإستروجين والبروجسترون خلال الدورة الشهرية إلى تغييرات في الشهية ومعدل الأيض، مما قد يبطئ من قدرة الجسم على حرق الدهون.
متلازمة تكيس المبايض (PCOS) تسبب اضطرابات في التوازن الهرموني وتزيد مقاومة الإنسولين، مما يعزز تراكم الدهون.
مع التقدم في السن، وخاصة خلال مرحلة انقطاع الطمث، يؤدي انخفاض الإستروجين إلى زيادة تراكم الدهون، خصوصًا في منطقة البطن، وضعف في الكتلة العضلية.
ارتفاع مستويات هرمون الكورتيزول الناتج عن التوتر المزمن يُحفز الجسم لتخزين الدهون، وخصوصًا الدهون الحشوية.
2. اضطرابات التمثيل الغذائي والغدد الصماء
قصور الغدة الدرقية يُخفض من معدل الأيض الأساسي (BMR)، وبالتالي يقلل قدرة الجسم على حرق الدهون.
مقاومة الإنسولين تجعل الجسم أقل كفاءة في استخدام الجلوكوز، مما يؤدي إلى تخزين الدهون بدلاً من حرقها.

3. سوء التغذية والعادات الغذائية غير الصحية
النظام الغذائي منخفض البروتين يُضعف بناء العضلات ويقلل من الإحساس بالشبع.
الإفراط في تناول الكربوهيدرات المكررة والسكريات يؤدي إلى ارتفاع مستويات الإنسولين، مما يعزز تخزين الدهون.
الحميات القاسية أو الفجائية التي تعتمد على تقليل السعرات بشكل كبير تبطئ عملية الأيض.
4. نمط الحياة اليومي
قلة النوم تؤثر سلبًا على هرموني الجوع (الجريلين) والشبع (الليبتين)، مما يزيد من الشهية ويُقلل من السيطرة على الأكل.
الخمول وقلة الحركة يحدّان من استهلاك الطاقة، مما يؤدي إلى تراكم الدهون.
ممارسة التمارين بشكل مفرط أو غير مدروس يمكن أن يؤدي إلى إرهاق الجسم وزيادة الكورتيزول، مما يُثبط حرق الدهون.
5. العمر والعوامل الوراثية
مع التقدم في السن، يفقد الجسم جزءًا من كتلته العضلية، مما يقلل معدل الحرق.
تلعب الوراثة دورًا في تحديد أماكن تخزين الدهون في الجسم، مثل البطن أو الأرداف.
6. أدوية وحالات صحية مزمنة
تؤثر بعض الأدوية مثل مضادات الاكتئاب أو وسائل منع الحمل على الشهية والهرمونات، مما يعيق حرق الدهون.
مشاكل الغدد الصماء مثل الغدة الكظرية أو اضطرابات الهرمونات التناسلية تعرقل عملية الأيض.
7. البيئة والعوامل النفسية
تؤثر السموم البيئية مثل مركبات البلاستيك والمواد الكيميائية على عمل الغدد الصماء.
الأكل العاطفي نتيجة التوتر أو الفراغ العاطفي يؤدي إلى الإفراط في استهلاك السعرات دون وعي.
8. نقص الكتلة العضلية
العضلات هي مصانع حرق السعرات الحرارية، ونقصها يبطئ عملية الأيض بشكل عام.
ثانيًا: لماذا يُعد حرق الدهون ضروريًا لصحة المرأة؟
يُشدّد الدكتور محمد مهران على أن عملية حرق الدهون ليست هدفًا تجميليًا فقط، بل هي جوهر التوازن الصحي والنفسي والهرموني للمرأة. وفيما يلي أهم الأسباب التي تجعل من حرق الدهون ضرورة حياتية:
1. الوقاية من الأمراض المزمنة
الدهون الزائدة – وخاصة الحشوية – ترتبط بزيادة مخاطر الإصابة بأمراض القلب، السكري، ارتفاع ضغط الدم، وبعض أنواع السرطان.
2. تحسين التوازن الهرموني
الدهون تؤثر مباشرة على إفراز الهرمونات، خاصة الإستروجين، مما قد يؤدي إلى اضطرابات الدورة الشهرية أو مشكلات في الخصوبة.
3. تعزيز الصحة النفسية
التخلص من الدهون الزائدة يعزز الثقة بالنفس ويُخفف الشعور بالقلق والتوتر المرتبط بصورة الجسد.
النشاط البدني المرتبط بحرق الدهون يطلق هرمونات السعادة مثل الإندورفين.
4. تحسين الأداء البدني والحركي
الجسم الأخفّ قادر على التحمل والحركة بشكل أفضل.
يقلّ الضغط على المفاصل، ما يقلل فرص الإصابة بآلام المفاصل والتهابها.
5. تحقيق توازن الخصوبة والصحة الإنجابية
النسبة المعتدلة من الدهون تساهم في الحفاظ على انتظام الدورة الشهرية، وزيادة فرص الحمل.
6. تحسين المظهر العام والقوام
حرق الدهون يسهم في نحت القوام وتحقيق التناسق العضلي، ما يعزز الجمال الجسدي الطبيعي.
7. إطالة العمر الصحي
الحفاظ على وزن صحي يُقلل من احتمالات الإصابة بأمراض الشيخوخة مثل الخرف وهشاشة العظام.

ثالثًا: أبرز النصائح لتعزيز عملية حرق الدهون لدى النساء
يوضح الدكتور محمد أن بعض العوامل مثل الوراثة والعمر لا يمكن تغييرها، ولكن يمكن السيطرة على الكثير من المحفزات السلبية باتباع نظام صحي متكامل. وفيما يلي أهم النصائح:
1. اتباع نظام غذائي متوازن ومحفّز للحرق
تناول البروتين بانتظام (مثل البيض، الأسماك، الزبادي، البقوليات) لدعم العضلات وزيادة الشعور بالشبع.
إدخال الدهون الصحية (مثل الأفوكادو، المكسرات، زيت الزيتون) التي تنظم الهرمونات وتحسن حساسية الإنسولين.
التركيز على الألياف من الشوفان، الخضروات الورقية، والفواكه لتقليل الشعور بالجوع وتحسين الهضم.
إدراج التوابل الطبيعية مثل الفلفل الحار، القرفة، والزنجبيل التي تُسرّع عملية الأيض.
شرب الشاي الأخضر وخل التفاح باعتدال لتحسين التمثيل الغذائي.
2. تنظيم النوم ومحاربة التوتر
الحصول على 7–8 ساعات من النوم الجيد يوميًا.
ممارسة تمارين التنفس أو التأمل لخفض الكورتيزول.
3. ممارسة تمارين رياضية متوازنة
التركيز على تمارين المقاومة لبناء العضلات.
دمج تمارين الكارديو المعتدلة لحرق الدهون.
تجنّب الإفراط المرهق في التمرينات الذي قد يؤدي إلى نتيجة عكسية.
4. استشارة الأطباء عند الضرورة
في حال وجود مشكلات صحية أو اضطرابات هرمونية، يجب اللجوء إلى أخصائيين لإجراء الفحوصات اللازمة وتحديد العلاج الانسب، ليست الدهون عدوّكِ الحقيقي، بل الجهل بأسباب تراكمها وعدم امتلاك خطة صحية للتعامل معها هو العدو.
الجسد ليس مجرد شكل خارجي، بل هو انعكاس داخلي لحالتك النفسية، ومرآة لصحتكِ العامة، تحكّمي فيما يمكنكِ تغييره، وتصالحي مع ما لا تستطيعين تغييره، وابدئي بخطوات صغيرة وواعية نحو جسدٍ أكثر صحة، وعقلٍ أكثر صفاء، وثقةٍ تنبع من داخلكِ.