عاجل

دراسة: مكمل “الكرياتين” آمن وفعّال لبناء العضلات وتحسين الأداء البدني

الكرياتين
الكرياتين

في الوقت الذي تنتشر فيه المكملات الغذائية في الأسواق وتُثير الكثير من الجدل، سواء في صالات الرياضة أو على مواقع التواصل الاجتماعي، برزت دراسة علمية حديثة لتضع النقاط على الحروف بخصوص واحد من أكثر هذه المكملات شهرة واستخدامًا: “الكرياتين”

كشفت مجلة الجمعية الدولية للتغذية الرياضية في دراسة موسعة أن الكرياتين يتمتع بملف أمان ممتاز، ليكون بذلك من المكملات القليلة التي حظيت بتقييم علمي دقيق ومتكامل بهذا الحجم.

الكرياتين تحت مجهر العلم: دراسة ضخمة تتجاوز التوقعات

اعتمدت الدراسة على مراجعة وتحليل نتائج 685 تجربة سريرية أُجريت على البشر، شملت أكثر من 26,000 مشارك من مختلف الفئات العمرية والخلفيات الصحية، ما يجعلها واحدة من أضخم الدراسات المتوفرة حتى اليوم حول مكمل غذائي واحد. وهدفت الدراسة إلى الإجابة عن سؤال جوهري لطالما أثار الجدل: هل استخدام الكرياتين آمن على المدى القصير والطويل؟

النتائج كانت واضحة: لم تسجل الدراسة فروقًا ذات دلالة إحصائية في نسبة الأعراض الجانبية بين مستخدمي الكرياتين ومجموعة الدواء الوهمي. فقد أبلغ 13% من المشاركين في كلتا المجموعتين عن أعراض جانبية، وكانت في معظمها طفيفة ومؤقتة، أبرزها مشكلات خفيفة في الجهاز الهضمي مثل الغثيان أو الانتفاخ أو الإسهال، دون تسجيل أي تأثيرات خطيرة على الكلى أو الكبد كما كان يُشاع سابقًا.

ما هو الكرياتين؟ ولماذا يُستخدم على نطاق واسع؟

الكرياتين هو مركب نيتروجيني طبيعي يُنتج داخل الجسم – وتحديدًا في الكبد والكلى والبنكرياس – ثم يُخزّن في العضلات حيث يتحول إلى مصدر سريع للطاقة يُستخدم خلال التمارين القصيرة والعنيفة مثل رفع الأوزان أو الركض السريع.

يحصل الإنسان على الكرياتين أيضًا من مصادر غذائية غنية بالبروتين مثل اللحوم الحمراء والأسماك، ولكن الكمية الغذائية قد لا تكون كافية للرياضيين أو من يمارسون تدريبات عالية الكثافة، لذلك يلجأ كثيرون إلى مكملات الكرياتين، خاصة "كرياتين مونوهيدرات" الذي يُعد الصيغة الأنقى والأكثر استخدامًا.

الفوائد تتجاوز بناء العضلات

خلافًا للاعتقاد السائد بأن الكرياتين يقتصر على تضخيم العضلات، فإن الدراسات الحديثة تُظهر أنه يلعب أدوارًا متعددة داخل الجسم:

  • زيادة الكتلة العضلية الخالية من الدهون: عند دمجه مع تمارين المقاومة، يُعزز الكرياتين من نمو العضلات وتحسين الكتلة العضلية.
  • تحسين الأداء البدني: يُسهم في رفع مستويات الطاقة والانفجار العضلي، مما يجعله مفيدًا للعدائين ولاعبي كرة القدم ورفع الأثقال.
  • تسريع الاستشفاء العضلي: يقلل من الالتهابات بعد التمارين ويُسرّع من تعافي الأنسجة.
  • خفض الدهون: بعض الدراسات تشير إلى أن الكرياتين قد يُساعد في خفض نسبة الدهون عندما يكون جزءًا من برنامج تدريبي متكامل.
  • حماية الوظائف العصبية: تُجرى أبحاث حالياً حول استخدامه في علاج الأمراض العصبية مثل باركنسون والتصلب المتعدد.

الكرياتين لا يظهر كمسبب رئيسي للمشاكل

لم تكتفِ الدراسة بالتحليل الإحصائي للتجارب السريرية، بل امتدت لتشمل مراجعة بيانات من قاعدة التقارير العالمية للآثار الجانبية، التي تضم نحو 28.4 مليون تقرير طبي من مختلف دول العالم. المفاجأة أن الكرياتين بالكاد ورد اسمه كمسبب لمشكلات صحية، وإن حدث ذلك، فغالبًا ما كان ضمن منتجات تحتوي على مركّبات أخرى مثل مشروبات الطاقة أو مكملات ما قبل التمرين، وليس الكرياتين النقي.

رسالة للرياضيين: لا تخشوا الكرياتين، لكن لا تتنازلوا عن الجودة

رغم هذه النتائج المطمئنة، يُنبه الباحثون إلى أن اختيار نوعية المكمل يلعب دورًا أساسيًا. فتناول مكملات كرياتين من علامات تجارية غير موثوقة أو مجهولة المصدر قد يُعرّض المستخدم لمواد مضافة غير معلنة، بعضها قد يكون ضارًا على الصحة، خصوصًا مع الاستخدام الطويل.

وينصح الخبراء بالتأكد من أن المكمل مكتوب عليه "Creatine Monohydrate" النقي بنسبة 100%، ويفضل أن يكون معتمدًا من جهة رقابية مرموقة، وأن يُستخدم بجرعة مدروسة لا تتجاوز التوصيات اليومية.

التغذية الرياضية بين العلم والشائعات

تُسلط هذه الدراسة الضوء على قضية أوسع من مجرد مكمل غذائي. إنها تكشف عن الحاجة الملحّة إلى الرجوع للعلم عند اتخاذ قرارات صحية، لا سيما في مجال التغذية الرياضية الذي أصبح يعج بالمعلومات المتضاربة، والشائعات التي تنتشر كالنار في الهشيم عبر منصات التواصل دون أي أساس علمي.

الكرياتين مكمل آمن عند الاستخدام الواعي

في ضوء هذه الدراسة العلمية الكبرى، يمكن القول بثقة إن الكرياتين مكمل غذائي فعّال وآمن عند استخدامه بالشكل الصحيح، وبإشراف مختص عند الحاجة. إنه ليس سحرًا خارقًا، لكنه أيضًا ليس تهديدًا للصحة كما تصوره بعض الروايات المنتشرة.

وبين تضخيم الإيجابيات والتهويل من السلبيات، يبقى الخيار الأفضل هو أن يكون المستهلك واعيًا ومطلعًا، فالصحة ليست مجالًا للتجربة، بل للمعرفة الدقيقة والمعلومة الموثوقة.

تم نسخ الرابط