40 سنة على الحنطور.. قصة صمود «عم رمضان» في زمن النقل الذكي
في ميدان واسع يسير به آلاف السيارات يوميًا، تزدحم فيه الحركة، بينما على النقيض يبدو أن الحياة تضيق بأعين ونظرات رمضان سيد، سائق الحناطير ذو الـ57 عامًا. "رمضان" كان من أشهر من قاد عربات الحنطور عبر السنوات الماضية، لكنه الآن يواجه تحولًا كبيرًا في مهنته بعد ظهور سيارات التاكسي والتكاتك التي أصبح لها دور كبير في نقل المواطنين داخل مدينة بني سويف.
من مهنة متوارثة إلى تحديات الحياة الحديثة
رمضان سيد، الذي وُلد عام 1968، هو سائق حناطير في ميدان حارث بمدينة بني سويف. ورث هذه المهنة عن والده منذ الثمانينات، حيث بدأ حياته المهنية مبكرًا، فلم تتح له ظروف الحياة الصعبة فرصة إكمال دراسته، وركز على مساعدة والده وأسرته منذ صغره. اختار رمضان أن يواجه الحياة بمفرده بعيدًا عن فكرة الزواج خشية أن يتحمل مسؤوليات إضافية قد تؤثر على حياته.
تحديات مهنة الحنطور في زمن السيارات والتكاتك
كانت مهنة "رمضان سيد" تتلخص في نقل المواطنين باستخدام عربة الحنطور إلى مختلف الأماكن في بني سويف مثل حديقة الحيوان وكورنيش النيل. لكن مع انتشار سيارات التاكسي والتكاتك، أصبح عمله في مهب الريح. ورغم أن تعريفة الركوب في الحناطير كانت أقل مقارنة بتلك الوسائل الحديثة، إلا أن تطور وسائل النقل الجديدة أدى إلى تقلص أعداد السائقين في المهنة بشكل ملحوظ، حيث انخفض عددهم من نحو 200 شخص إلى عدد قليل لا يتجاوز أصابع اليد الواحدة.
تحديات مهنية ومعيشية
ولم يكن ظهور وسائل النقل الحديثة هو التحدي الوحيد بالنسبة لرمضان، بل إن تكلفة إطعام الحصان الواحد الذي يستخدمه في العربة أصبحت تمثل عبئًا كبيرًا عليه، حيث تقدر تكاليف الطعام يوميًا بحوالي 150 جنيهًا، إضافة إلى تكاليف صيانة عربات الحنطور، مما يفاقم من معاناته.
"رزق اليوم بيومه"
يواصل "رمضان سيد" التواجد في ميدان حارث منذ الصباح الباكر، حيث يأمل أن يحقق رزقه ويكسب قوت يومه. ورغم أنه يعلم صعوبة الموقف، إلا أن أمله في الحياة يبقى قائمًا، فهو متمسك بما ورثه عن والده، إذ يرى في ذلك جزءًا من هويته التي لا يريد التخلي عنها رغم التحديات.
مطالب مشروعة للمستقبل
أحلام "رمضان سيد" أصبحت متواضعة، حيث يأمل في أن تولي الدولة اهتمامًا أكبر للعاملين في مهنة الحناطير، وأن يوفر لهم المحافظ رعاية خاصة، خاصة في مناطق مثل كورنيش النيل والممشى السياحي. كما يطالب بأن تشملهم برامج الحماية الاجتماعية والمعاشات، بالإضافة إلى إدماجهم في مشروع التأمين الصحي الشامل، ليتمكنوا من العيش حياة كريمة ومواكبة التحولات الحديثة في المجتمع.