الخشوع الغائب رغم الحركة.. «علي جمعة» يعيد تعريف الصلاة الحقيقية

قدّم الدكتور علي جمعة، مفتي الديار المصرية الأسبق وعضو هيئة كبار العلماء بالأزهر الشريف، رؤية متجددة لمفهوم الخشوع في الصلاة، محذرًا من اختزال الشعائر الدينية في ممارسات ظاهرية تخلو من الجوهر الروحي والمعنى الإيماني.
الخشوع… غائب رغم الحركة
وخلال ظهوره في برنامج "مع نور الدين" المذاع على قناة "الناس"، أكد جمعة أن كثيرين يظنون أن النظر لموضع السجود أو وضع اليد اليمنى على اليسرى هو "الخشوع"، واصفًا هذا الفهم بأنه مغلوط ومُجتزأ من حقيقة أعمق. وقال: "الخشوع الحقيقي لا يتعلق فقط بحركات الجسد، بل يتجسد في وعي العقل، وحضور القلب، وخضوع النفس بين يدي الله".
وأشار إلى أن "المسلم يُكتب له من صلاته ما عقل منها، لا ما حرك فيها جسده فقط"، مؤكدًا أن العلامات الخارجية مثل ثبات النظر أو هيئة الوقوف، هي أدوات مُعينة، لا دليل قاطع على الخشوع، وأضاف: "أن تُنزل العلامة منزلة الحقيقة، هذا وهم لا فهم".
العبادة بلا حب.. عبء على النفس
وفي نقلة لافتة، ربط جمعة بين الخشوع والحب في العبادة، مؤكدًا أن من يؤدي العبادة دون حب لله، يعيشها كأنها عبء ثقيل، ويصلي وهو يتمنى أن ينتهي من الصلاة. وأضاف:" المؤمن إذا أحب الصلاة لا يملّ منها، بل يسأل متى يحين وقتها؟ لأنه ذاق طعم القرب من الله".
وتابع:" نحن لا نعبد الله لأننا نخاف من النار فقط، بل نعبده لأنه أهلٌ للعبادة. الله جميل، نعبده حبًا وجمالًا، كما نعبده جلالًا وهيبة".
اتباع النبي ليس تقليدًا شكليًا
كما أشار جمعة إلى ضرورة الوعي في اتباع الرسول صلى الله عليه وسلم، موضحًا أن بعض الناس يقلدون النبي في شكله، مظهره، أو بعض تفاصيل حياته، ويظنون أنهم بذلك قد أدوا حق الاتباع. لكنه قال: “الاتباع الحقيقي للنبي لا يعني نسخ حياته حرفيًا، بل فَهْم روحه، وسُننه، ومنهجه في الرحمة، والعقل، وحُسن المعاملة.”
وأردف قائلًا: “النبي كان وعيًا متحركًا، وكان أخلاق تعيش على الأرض، ولم يكن حركات ميكانيكية نُعيد تمثيلها دون روح أو هدف.”
إحياء المعاني .. دعوة متجددة
واختتم الدكتور علي جمعة حديثه بدعوة المسلمين إلى إحياء معاني العبادة، لا التوقف عند أشكالها، قائلاً: “الصلاة ليست فقط وقوفًا وركوعًا وسجودًا، بل لحظة اتصال حقيقي بالله. والعبادة بلا حب ومعرفة، تتحول إلى عادة باردة خالية من الروح.