خالد الجندي: الإسلام شجع السؤال بشرط الأدب ونقاء النية

أكد الشيخ خالد الجندي، عضو المجلس الأعلى للشؤون الإسلامية، أن الصحابة رضوان الله عليهم تميزوا بوعي ديني عميق وجرأة مؤدبة في طلب العلم، مشيرًا إلى أنهم كانوا لا يترددون في سؤال النبي محمد ﷺ إن كان ما يقوله وحيًا من الله أم اجتهادًا شخصيًا. وأضاف أن الإسلام لم يمنع السؤال بل شجع عليه، ما دام في إطار الأدب والنية الخالصة للفهم والتعلم.
وجاءت تصريحات الجندي خلال حلقة مميزة من برنامجه «لعلهم يفقهون» على قناة DMC، حملت عنوان «حوار الأجيال»، وناقش خلالها مفهوم التسليم لله في ضوء التمييز بين الوحي والاجتهاد النبوي، مستشهدًا بعدد من المواقف المضيئة من حياة الصحابة.
التمييز بين الوحي والاجتهاد
وضرب الجندي مثالًا بموقف الصحابي الحباب بن المنذر في غزوة بدر، عندما اقترب من النبي ﷺ وسأله بأدب: "أهذا منزل أنزلكه الله، لا رأي لنا فيه، أم هو الرأي والمكيدة؟"، فأجابه النبي ﷺ: "بل هو الرأي والمكيدة"، ليقترح الحباب حينها تغيير الموقع العسكري لاعتبارات استراتيجية. وأوضح الجندي أن هذا الموقف يُظهر وعي الصحابة بضرورة التفرقة بين ما يجب التسليم له بوصفه وحيًا، وما يمكن الاجتهاد فيه ومناقشته.
السؤال بدافع الحب
كما استشهد الجندي بموقف آخر للصحابي كعب بن مالك، الذي بشره النبي ﷺ بقبول الله لتوبته، فقال له: "أبشر بخير يوم طلعت عليك فيه الشمس منذ ولدتك أمك."فسأل كعب النبي ﷺ: "أمنك أم من الله؟"، فجاء الجواب: “بل من الله وسجد كعب فرحًا وبكاءً، في لحظة امتزج فيها الاحترام العميق بنضج السؤال وسلامة القصد”.
وأوضح الجندي أن هذه النماذج تدل على أن الصحابة لم يسلموا تسليمًا أعمى، بل كانوا يتحققون مما يسمعونه، ويميزون بين الوحي والرأي، وكل ذلك دون مساس بأدبهم أو إيمانهم.
ليس كل قول نبي وحيًا
تابع الجندي حديثه قائلاً:"لا بد أن نعرف متى نسأل ومتى نسلم، لأن النبي ﷺ لا ينطق عن الهوى إن هو إلا وحي يوحى، لكن في بعض الأحيان كان يجتهد، والتمييز بين ذلك ضروري للفهم الصحيح للدين."
وأضاف:"في حالة كان النص من الله أو رسوله كتشريع، فالخضوع له واجب ولا خيار فيه، كما قال تعالى: (وما كان لمؤمن ولا مؤمنة إذا قضى الله ورسوله أمرًا أن يكون لهم الخيرة من أمرهم)."

رسالة إلى الشباب
في ختام حديثه، وجه الجندي رسالة إلى جيل الشباب قائلاً:"اسأل بعقل، ولا تسلم على بياض، كن مثل الصحابة، اجمع بين الأدب والبحث عن الحقيقة. لا أحد معصوم إلا النبي صلى الله عليه وسلم، والسؤال في الدين ليس جريمة بل واجب، ما دمت تبحث عن الحق بصدق."