من هو الطفل الأكثر عُرضةً للاضطرابات والإنهيارات النفسية ؟ معلومات هامة

في قلب كل منزل، تنبض روح الطفل بما تزرعه البيئة من مشاعر، وما تمنحه الأم من حب وطمأنينة. فالصحة النفسية لا تُبنى فجأة، بل تتشكل بصمت في تفاصيل اليوميات: في نظرة، في لمسة، في رد فعل.
لكن من هو الطفل الذي تتسلل إليه الاضطرابات النفسية دون أن يشعر أحد؟ وما الذي يمكن أن تفعله الأم لتكون الحضن الآمن، لا السبب في الانكسار؟
بيتكِ… هو البداية والنهاية
الطفل لا يحتاج بيئة مثالية، بل بيئة حقيقية دافئة، تشعره بأنه محبوب كما هو، حتى في لحظات ضعفه أو فوضويته. حين تتوفر له هذه المساحة الآمنة، تُصبح نفسيته أقوى، وقدرته على مواجهة الحياة أكبر.
تمكين الأمهات ليس ترفاً، بل ضرورة حتمية لحماية أطفالهن من مخاطر لا تُرى بالعين المجردة، لكنها تترك آثارها عميقاً في الروح.
متى يكون البيت مصدر خطر نفسي؟
الأسرة هي البيئة الأولى التي يتعلّم منها الطفل يشعر، وكيف يثق، وكيف يحب. لكنها قد تكون أيضاً المصدر الأول للاضطراب، خاصة عندما:
- تسود الخلافات أو التوتر بين الأبوين
- يُهمل الطفل عاطفياً أو يُقابل بالتجاهل عند التعبير عن مشاعره
- يُربى في أجواء قاسية أو متسلطة
- يعيش في ظل أبوين يعانيان من اضطرابات نفسية غير مُعالجة
- في هذه البيئات، يشعر الطفل أنه غير مرئي، أو غير كافٍ، أو عبء… وهنا تبدأ المعاناة.
كيف نعرف أن الطفل يُعاني نفسيًا؟
قد لا يقول الطفل "أنا مكتئب"، لكنه يصرخ بألف طريقة أخرى، منها:
- الانعزال أو قلة التفاعل
- نوبات بكاء مفاجئة
- تغيّرات في النوم أو الشهية
- شكاوى متكررة من ألم في البطن أو الرأس
- سلوك عدواني أو مفاجئ
- التراجع الدراسي أو فقدان الاهتمام بالأشياء التي كان يحبها
هذه الإشارات يجب أن تؤخذ على محمل الجد، فهي ليست "دلعا" أو "مرحلة وتعدي"، بل أجراس إنذار.
كيف تحمي الأم طفلها من الانهيار النفسي؟
- كوني الحضن لا الحكم: احتوي طفلك مهما كانت تصرفاته، فالتأديب يبدأ بالحب لا بالخوف.
- استمعي له بصدق: أحياناً، يحتاج الطفل فقط لمن يسمعه دون أن يُصحّحه.
- احترمي مشاعره: لا تقولي له "ما في شي يخوف" عندما يخاف… بل قولي: "أنا معك".
- كوني قدوته في التعبير عن المشاعر: عندما تقولين له: "أنا زعلانة اليوم لأني مرهقة" سيتعلم أنه لا عيب في التعبير.
- ثبّتي روتينه اليومي: النوم المنتظم، والغذاء الجيد، واللعب، أمور بسيطة لكنها تصنع الاستقرار النفسي.
متى يجب استشارة طبيب ؟
إذا استمرت الأعراض النفسية لأكثر من أسبوعين، أو بدأت تؤثر على علاقاته أو دراسته، يجب التدخل فوراً. الطبيب ليس عدوًا، بل حليفًا في رحلة العلاج.
والمهم ألا تذهبي وحدك، بل شاركي المدرسة، واطلبي من المحيطين أن يكونوا جزءًا من خطة الدعم.
وللأم… لا تنسي نفسك
كي تزرعي الطمأنينة في نفس طفلك، يجب أن تكوني أنتِ أولاً مطمئنة. خصصي وقتًا لنفسك، تحدثي مع صديقة، ابكي إن احتجتِ، اطلبي المساعدة دون خجل.
فأنتِ الركن الذي يستند عليه البيت، ولا بيت ثابت على أمٍّ مُنهكة.