دراسة تربط بين استهلاك الأطعمة العضوية وتحسين الادراك لدى كبار السن

أظهرت دراسة جديدة نُشرت في المجلة الأوروبية للتغذية أن كبار السن الذين يتناولون كميات أكبر من الأطعمة العضوية يميلون إلى التمتع بأداء إدراكي أفضل. كما وجد الباحثون أن استهلاك الأطعمة العضوية يرتبط بانخفاض خطر الإصابة بضعف إدراكي خفيف لدى النساء، ولكن ليس لدى الرجال.
الإدراك و تراجع ملحوظ في الذاكرة
يشير ضعف الإدراك الخفيف إلى تراجع ملحوظ في الذاكرة ومهارات التفكير، أكبر من المتوقع بالنسبة لعمر الشخص، ولكنه لا يؤثر بشكل كبير على الحياة اليومية. وغالبًا ما يُنظر إليه على أنه مرحلة انتقالية بين الشيخوخة الطبيعية والخرف. وتشير الأبحاث إلى أن ما بين 10% و20% من الأفراد المصابين بضعف إدراك خفيف يتطور لديهم الخرف سنويًا، وأن نصفهم تقريبًا يُكملون هذه المرحلة الانتقالية في غضون خمس سنوات.
الاستراتيجيات الرامية لمنع التدهور المعرفي
نظرًا لعدم وجود علاجات فعّالة حاليًا لعكس أو إيقاف هذا التطور، حظيت الاستراتيجيات الرامية إلى منع التدهور المعرفي باهتمام متزايد. وقد أظهرت عوامل نمط الحياة، مثل النظام الغذائي وممارسة الرياضة والتدريب المعرفي، نتائج واعدة، إلا أن النتائج لا تزال متباينة.
النظام الغذائي وتأثيره على صحة الدماغ
يُعتقد أن النظام الغذائي يؤثر على صحة الدماغ جزئيًا من خلال التأثيرات المضادة للالتهابات لبعض العناصر الغذائية، ومن خلال تعزيز صحة ميكروبيوم الأمعاء، والذي قد يتواصل مع الدماغ من خلال ما يُعرف بمحور الدماغ والأمعاء.
وقد أُشير إلى أن الأطعمة العضوية، المزروعة دون استخدام معظم المبيدات الحشرية والأسمدة الصناعية، تحتوي على مستويات أعلى من العناصر الغذائية المفيدة مثل البوليفينول والمغنيسيوم والأحماض الدهنية الأساسية. ومع ذلك، لم تتناول سوى دراسات قليلة بشكل مباشر ما إذا كان استهلاك الأطعمة العضوية يؤثر على الصحة الإدراكية لدى كبار السن.
العلاقة بين تناول الأغذية العضوية والوظائف الإدراكية
في ضوء هذه الفجوات، شرع باحثون من جامعة جنوب الصين الطبية في دراسة العلاقة بين تناول الأغذية العضوية والوظائف الإدراكية. استخدموا بيانات من مسحين كبيرين: دراسة الصحة والتقاعد، وهي دراسة تمثيلية وطنية لكبار السن الأمريكيين، ودراستها الفرعية، دراسة الرعاية الصحية والتغذية. أكمل المشاركون استبيانات حول استهلاكهم الغذائي وخضعوا لتقييمات إدراكية.
كما حلل الباحثون بيانات 6077 بالغًا لإجراء تحليل مقطعي، و4882 بالغًا لإجراء تحليل طولي على مدى متابعة متوسطة بلغت 3.7 سنوات. اعتُبر المشاركون مستهلكين للأطعمة العضوية إذا أفادوا بتناول أي أطعمة عضوية معتمدة خلال العام الماضي، وذلك وفقًا لمعايير وزارة الزراعة الأمريكية.
وصُنفت الأطعمة العضوية ضمن المنتجات الحيوانية، مثل الحليب والبيض واللحوم، والمنتجات النباتية، بما في ذلك الفواكه والخضراوات. كما حسب الباحثون درجة التنوع الغذائي بناءً على عدد الأطعمة العضوية المختلفة المستهلكة.
تقييم الوظيفة الإدراكية
تم تقييم الوظيفة الإدراكية باستخدام اختبار هاتفي يقيس الذاكرة والانتباه وسرعة المعالجة. أشارت الدرجات الأعلى إلى قدرات إدراكية أفضل. كما صُنف المشاركون على أنهم يتمتعون بإدراك طبيعي، أو ضعف إدراكي خفيف، أو خرف بناءً على أدائهم في الاختبار
العوامل التي تؤثر على الإدراك
وراقب الباحثون مجموعة واسعة من العوامل التي قد تؤثر على الإدراك، مثل العمر، والجنس، والعرق، والتعليم، والثروة، والنشاط البدني، والتدخين، وتعاطي الكحول، ومؤشر كتلة الجسم، والاكتئاب، وداء السكري، وارتفاع ضغط الدم، والأمراض المزمنة الأخرى، وإجمالي استهلاك الطاقة، وجودة النظام الغذائي بشكل عام.
علاقة تناول أطعمة عضوية وتحسين الوظيفة الإدراكية
في جميع العينة، كان لدى كبار السن الذين تناولوا أطعمة عضوية درجات معرفية أعلى بكثير من غيرهم. وقد لوحظ هذا الارتباط لدى كل من الرجال والنساء. وارتبط استهلاك كل من المنتجات الحيوانية العضوية والأطعمة النباتية العضوية، بشكل مستقل، بتحسن الوظيفة الإدراكية. كما ارتبط كل نوع إضافي من الأطعمة العضوية المستهلكة بتحسن طفيف في الأداء الإدراكي.
عند دراسة التغيرات مع مرور الوقت، وجد الباحثون أن استهلاك الأغذية العضوية يرتبط بانخفاض خطر الإصابة بضعف إدراكي خفيف - ولكن فقط لدى النساء. انخفض خطر الإصابة بضعف إدراكي خفيف لدى النساء اللواتي تناولن أطعمة عضوية بنسبة 20% تقريبًا مقارنةً بالنساء اللواتي لم يتناولنها، حتى بعد تعديل عوامل التداخل المتعددة. وارتبط تناول المنتجات الحيوانية العضوية بانخفاض الخطر بنسبة 27%، بينما ارتبط تناول الأطعمة النباتية العضوية بانخفاض الخطر بنسبة 20%.
قدم الباحثون بعض التفسيرات المحتملة لهذه النتائج. تميل الأطعمة العضوية إلى احتوائها على مستويات أقل من المواد الضارة المحتملة، مثل بقايا المبيدات الحشرية والمعادن الثقيلة، وتركيزات أعلى من العناصر الغذائية الوقائية مثل البوليفينول والفيتامينات وأحماض أوميجا 3 الدهنية. يُعتقد أن هذه العناصر الغذائية تدعم الصحة الإدراكية من خلال تقليل الالتهابات، وتعزيز البكتيريا المعوية المفيدة، وحماية خلايا الدماغ بشكل مباشر من الإجهاد التأكسدي.
أشار مؤلفو الدراسة إلى الحاجة إلى مزيد من الأبحاث، لا سيما التجارب السريرية العشوائية طويلة الأمد التي تُقارن مباشرةً آثار الأنظمة الغذائية العضوية والتقليدية على النتائج الإدراكية. كما أكدوا على أهمية مراعاة الاختلافات بين الجنسين في الدراسات المستقبلية حول النظام الغذائي وصحة الدماغ.