هل الزواج من فتاة يرفضها الأهل حرام؟ رد حاسم من دار الإفتاء

في ظل تكرار قصص الحب التى تنتهى برفض الأهل، يتردد السؤال: هل الزواج من فتاة يرفضها الأهل يُعتبر حرامًا شرعًا؟
الرأي الشرعي في الزواج دون رضا الأهل
أجمع الفقهاء أن الزواج الصحيح شرعًا يقوم على توافر أركان معينة، أهمها الإيجاب والقبول، ووجود الولي بالنسبة للمرأة البكر. أما بالنسبة للرجل، فلا يشترط رضا والديه لصحة زواجه، لكنه يبقى مطالبًا شرعًا ببرهما وطاعتهما، ما لم يأمراه بمعصية.
في حالة زواج الرجل بامرأة يرضى دينها وخلقها، وكان الزواج مستوفيًا للشروط والأركان الشرعية، فإن الزواج يكون صحيحًا ولو عارضه الأهل، ولكن مع ذلك، يبقى الإحسان إلى الوالدين ومراعاة مشاعرهما من أعظم القربات إلى الله عز وجل، ومن ثمّ يُستحب محاولة إرضائهما بكل وسيلة ممكنة دون الوقوع في قطيعة أو عقوق.
أدلة من القرآن والسنة
يقول الله تعالى:
{وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا} [الإسراء: 23]،
وقد أوصى النبي صلى الله عليه وسلم بالبر بالوالدين وعدم عقوقهما، فقال: “رغم أنف، ثم رغم أنف، ثم رغم أنف، قيل: من يا رسول الله؟ قال: من أدرك والديه عند الكبر أحدهما أو كليهما ثم لم يدخل الجنة” (رواه مسلم).
لكن في مقابل ذلك، لا يُعتبر رفض الأهل بلا سبب شرعي مبررًا لتحريم الزواج، خصوصًا إذا توفرت في الفتاة شروط الدين والخلق. فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: “إذا أتاكم من ترضون دينه وخلقه فزوجوه، إلا تفعلوا تكن فتنة في الأرض وفساد عريض” (رواه الترمذي).
رأي دار الإفتاء
أوضحت دار الإفتاء المصرية أن زواج الرجل من فتاة يرفضها والده أو والدته ليس حرامًا، إذا كان زواجًا شرعيًا مكتمل الشروط والأركان، مع توفر صفات الصلاح والدين في الطرف الآخر. إلا أن دار الإفتاء شددت في الوقت ذاته على أن إرضاء الوالدين وبرهما واجب شرعي، ويجب على الابن أن يسعى جاهدًا إلى تقريب وجهات النظر ومحاولة إقناع والديه، واستشارة أهل العلم والحكماء لحل النزاع دون قطيعة أو إيذاء نفسي للوالدين.
وبناءا على ذلك:
الزواج من فتاة يرفضها الأهل لا يعتبر حرامًا من حيث الأصل إذا توفرت شروط الزواج الشرعي، لكن يبقى التوفيق بين بر الوالدين وتحقيق الرغبة الشخصية ضرورة دينية وأخلاقية. وعلى الشاب أن يجتهد في الإصلاح والتوفيق بين قلبه وبر والديه؛ فالسعادة الكاملة تجمع بين الحب الحلال ورضا الوالدين.