عاجل

ما هو الحكم الشرعي في الشعر والشعراء ؟ دار الإفتاء توضح

الشعر والشعراء
الشعر والشعراء

يعتبر الشعر من أقدم أشكال التعبير عن الفكر والمشاعر، وقد أُعجب به العرب منذ الجاهلية، فكان وسيلة للتفاخر، والتعريف بالبطولات، والتعبير عن الحب والوجد. لكن مع تطور الزمن، أثيرت العديد من الأسئلة حول حكم الإسلام في الشعر والشعراء، خاصة فيما يتعلق بالمحتوى الذي قد يتضمنه الشعر، وهل يُعدّ الشعر وسيلة مشروعة أو محظورة في الإسلام؟

الشعر في القرآن والسنة

الشعر له تاريخ طويل في الثقافة الإسلامية والعربية، وقد ورد ذكره في القرآن الكريم والسنة النبوية. فالشعر ليس محظورًا بشكل عام في الإسلام، بل يتوقف الحكم عليه بناءً على محتواه وهدفه.

في القرآن الكريم، نجد أن الله تعالى قد أشار إلى الشعر والشعراء في قوله:
“وَالشُّعَرَاءُ يَتَّبِعُهُمُ الْغَاوُونَ” (الشعراء: 224)، إلا أن الآية لا تَذُم الشعر بشكل عام، بل تشير إلى أن هناك شعراء يتبعهم الضالون الذين يسيرون في طريق الغواية والفساد.

ومن الحديث النبوي، قال النبي صلى الله عليه وسلم:
“إن من البيان لسحرًا”، وهو يشير إلى أن الكلام بشكل عام، بما فيه الشعر، يمكن أن يكون ذا تأثير كبير، سواء في التأثير على القلوب أو على المجتمع.

الآراء الفقهية في حكم الشعر

يتفاوت الفقهاء في آرائهم حول حكم الشعر بناءً على نوعه والمحتوى الذي يتناوله. وفيما يلي أبرز الآراء الفقهية:
• المذهب الحنفي: يرى أن الشعر إذا كان خاليًا من المحرمات مثل الفاحشة أو الكذب، ولم يكن فيه دعوة إلى المنكرات، فلا مانع من تعلمه أو قراءته. بل يرون أن الشعر يمكن أن يكون وسيلة نافعة لتعليم القيم الحميدة.
• المذهب الشافعي: يعتبر الشافعية أن الشعر يمكن أن يكون مفيدًا إذا كان يعبر عن قيم الحق ويحث على الفضائل. ولكنهم في الوقت ذاته، حذروا من الشعر الذي يُستخدم لنشر الفتن أو دعوة إلى المعاصي، مؤكدين على أن الشعر ليس محظورًا بشكل عام، ولكنه يصبح محرمًا إذا كان يحتوي على مضامين تروج للكفر أو الفواحش.
• المذهب المالكي: يُعتبر الشعر نوعًا من الأدب الذي لا يحرمه الإسلام ما دام في إطار الأدب الطيب. ويرون أن الشعراء الذين يكتبون بقصد الدعوة إلى الفضيلة أو التصوف أو مدح رسول الله صلى الله عليه وسلم، لهم مكانة طيبة. ولكن، في حال كان الشعر يروج للمفاسد أو يمدح الشخصيات المضللة، يصبح حرامًا.
• المذهب الحنبلي: يرى الحنابلة أن الشعر إذا كان يروج للباطل أو الفتن أو يشتمل على كذب، فإنه محرم. ولكن الشعر الذي يتضمن معاني حميدة كالمدح في الله ورسوله، أو في القيم الإنسانية النبيلة، لا مشكلة فيه.

الحكم في الشعر الذي يحتوي على المحرمات

الفقهاء متفقون على أن الشعر الذي يحتوي على محرمات أو يروج للرذيلة أو المعاصي يُعد محرمًا في الإسلام. فمن الأمور التي تجعل الشعر محرمًا:
• السب والشتم: إذا كان الشعر يحتوي على سب أو شتم للآخرين أو للأنبياء أو الصحابة.
• الدعوة إلى الفواحش: مثل شعر يدعو إلى الزنا أو الخمور أو الفساد.
• الفحش والابتذال: أي استخدام ألفاظ غير لائقة تخرج عن حدود الأدب.

شعراء الإسلام: المكانة والوظيفة

في تاريخ الإسلام، كان الشعراء يحظون بمكانة كبيرة، وكانوا يُعتبرون من أهل الأدب والفصاحة. وقد كان الصحابة رضوان الله عليهم يشجعون الشعراء على استخدام شعرهم في مدح النبي صلى الله عليه وسلم والتعريف بالفضائل.

من أبرز شعراء الإسلام الذين تم الاحتفاء بهم:
• حسان بن ثابت: الذي كان يمدح النبي صلى الله عليه وسلم، ويستخدم شعره للدفاع عن الإسلام.
• عبد الله بن رواحة: الذي كان من شعراء النبي صلى الله عليه وسلم، ويُعتبر من شعراء المدح في الإسلام.

رأي دار الإفتاء

فيما يتعلق بحكم الشعر والشعراء، قالت دار الإفتاء المصرية في إحدى فتاويها: “إن الشعر لا يُحرم في الإسلام بحد ذاته، وإنما يُحرم إذا كان يحتوي على دعوة إلى المعاصي أو نشر الفتن والكذب. أما الشعر الذي يدعو إلى الحق، ويعبر عن قيم الأخلاق والفضيلة، فلا حرج فيه.”

كما أضافت دار الإفتاء: “الشعراء يجب عليهم أن يتحلوا بالمسؤولية الأدبية، وأن يتجنبوا استخدام شعرهم في ترويج الفاحشة أو الإساءة للأشخاص أو الأديان.

تم نسخ الرابط