دراسة : الرياضة علاج فعّال لأعراض ADHD وتحسين التركيز والسلوك لمختلف الأعمار
أصبح من الواضح أن الرياضة لم تعد وسيلة فقط لتحسين اللياقة الجسدية، بل تحولت إلى عنصر أساسي في دعم الصحة النفسية والذهنية، خاصة لدى الفئات التي تعاني من اضطرابات مثل فرط الحركة وتشتت الانتباه المعروف اختصارًا بـ"ADHD"، ففي دراسة علمية غير مسبوقة، كشف باحثون أن ممارسة التمارين الرياضية بانتظام تحدث فرقًا ملحوظًا في أعراض ADHD، وتحديدًا ما يتعلق بالتركيز، والتحكم في السلوك، والاندفاع.
وفيما يلي، نستعرض تفاصيل الدراسة، وما توصل إليه العلماء بشأن العلاقة بين الحركة الذكية والدماغ النشيط، وكيف يمكن للرياضة أن تتحول إلى علاج داعم طبيعي وآمن لاضطراب يعاني منه ملايين حول العالم.
ADHD.. اضطراب العصر المرتبط بالدماغ
اضطراب فرط الحركة وتشتت الانتباه هو حالة عصبية تؤثر على طريقة عمل الدماغ، وتتسبب في صعوبة التركيز، فرط النشاط الحركي، والسلوك الاندفاعي، ويبدأ هذا الاضطراب عادة في مرحلة الطفولة، وقد يستمر مع البعض إلى سن البلوغ، مؤثرًا على الأداء الدراسي والمهني والاجتماعي.
وتكمن صعوبة التعامل مع ADHD في أنه لا يُعالج فقط بالأدوية، بل يحتاج إلى خطة علاجية متكاملة تشمل السلوك، البيئة، والغذاء وأسلوب الحياة.
الرياضة تغيّر كيمياء الدماغ إيجابيًا
أجريت الدراسة على مجموعة من الأطفال والبالغين المصابين بـADHD، حيث تم تحليل تأثير التمارين الهوائية مثل الجري، ركوب الدراجة، والسباحة، على سلوكهم الذهني والعاطفي. النتائج جاءت لافتة:
- تحسّن التركيز والانتباه بعد كل جلسة تمرين.
- انخفاض ملحوظ في مستويات القلق والتوتر.
- تراجع نوبات التشتت والاندفاع في المواقف اليومية.
- ارتفاع في هرمون "الدوبامين" و"النورإيبينفرين"، وهما المسؤولان عن تحسين الحالة المزاجية والانتباه.

كيف تعمل الرياضة على تنشيط الدماغ؟
توضح الدراسة أن التمارين البدنية تؤدي إلى زيادة تدفق الدم إلى الدماغ، مما يعزز من قدرته على استقبال المعلومات وتنظيم الاستجابات، كما أن الحركة تُحفز إفراز مواد كيميائية طبيعية تساعد على التوازن العصبي، وهي نفس المواد التي تستهدفها أدوية ADHD.
كما تعمل التمارين على تقوية الفص الجبهي في الدماغ، وهو الجزء المرتبط بالتركيز، اتخاذ القرار، وتنظيم السلوك، وهي وظائف يعاني منها المصابون بالاضطراب.
أي أنواع الرياضة الأفضل؟
بحسب الباحثين، فإن التمارين الهوائية المنتظمة لها الأثر الأكبر، مثل:
- الجري لمدة 20 دقيقة يوميًا
- السباحة مرتين أسبوعيًا
- تمارين الرقص أو الزومبا
- المشي السريع صباحًا
- والأهم من النوع هو الاستمرارية، حيث توضح النتائج أن التحسن يكون ملحوظًا بعد عدة أسابيع من الالتزام.
الرياضة كوسيلة مكملة للعلاج لا بديلة
رغم الفوائد الكبيرة التي كشفتها الدراسة، فإن الخبراء يؤكدون أن الرياضة لا تُغني عن العلاج الطبي أو السلوكي، بل يجب أن تُستخدم كعامل مساعد ضمن خطة شاملة يشرف عليها أطباء وأخصائيون نفسيون.
ومع ذلك، فإن دمج الرياضة ضمن روتين المصاب بفرط الحركة وتشتت الانتباه يمكن أن يحسّن جودة حياته بشكل كبير، ويقلل من اعتماده على الجرعات الدوائية العالية.
الأطفال أولى بالتحفيز الحركي اليومي
الدراسة توصي بضرورة إدخال الرياضة اليومية في حياة الأطفال المصابين بـADHD، سواء من خلال حصص التربية البدنية في المدرسة، أو أنشطة اللعب المفتوحة، أو الانضمام لأندية رياضية.
فالطفل المصاب يحتاج إلى تفريغ طاقته بطريقة منظمة وآمنة، بدلاً من العقاب أو اللوم المستمر الذي يزيد من تدهور حالته النفسية.

ما تقوله الأمهات والمعلمون بعد التطبيق
شارك في الدراسة أولياء أمور ومعلمون أبلغوا عن تحسّن سلوك الأطفال في الفصول الدراسية، وانخفاض نوبات الغضب والملل، بعد إدخال الرياضة في روتينهم اليومي.
وأفاد المعلمون بأن الطلاب باتوا أكثر هدوءًا، وأكثر تعاونًا في أداء الواجبات، كما قلّت لديهم الحاجة للعقاب أو التهديد.