عاجل

تحذير للرجال.. 5 عوامل صحية تقلّص العمر بعد الـ 50

مخاطر الإصابة بالأمراض
مخاطر الإصابة بالأمراض المزمنة

في تحذير طبي بالغ الأهمية، كشفت دراسة بحثية موسعة نُشرت مؤخرًا في مجلة The New England Journal of Medicine، إحدى أرقى الدوريات الطبية في العالم، عن نتائج مقلقة تسلط الضوء على العلاقة بين بعض العوامل الصحية المزمنة والانخفاض الحاد في متوسط العمر المتوقع للرجال والنساء، خاصة بعد تجاوزهم سن الخمسين. وقد توصل الباحثون القائمون على الدراسة إلى أن هناك خمسة عوامل صحية رئيسية، إذا ما اجتمعت لدى الفرد، يمكن أن تقلص من عمره المتوقع بما يتراوح بين 10 إلى 14 عامًا.

وتشمل هذه العوامل: ارتفاع ضغط الدم، ارتفاع مستوى الكوليسترول في الدم، السمنة، التدخين، ومرض السكري. ويشير الباحثون إلى أن هذه العوامل ليست فقط مرتبطة بزيادة مخاطر الإصابة بالأمراض المزمنة، بل إنها تشكل تهديدًا مباشرًا للعمر المتوقع، ما يضع مسألة الوقاية منها والتحكم فيها على رأس أولويات الصحة العامة.

مخاطر متعددة.. وتأثيرات مضاعفة على الذكور

أظهرت الدراسة أن الرجال الذين يعانون من جميع العوامل الخمسة يواجهون خطرًا هائلًا بالوفاة المبكرة، حيث تبلغ احتمالية وفاتهم قبل سن التسعين نحو 94%. هذا الرقم يعكس بوضوح التأثير التراكمي المدمر لهذه المشكلات الصحية عندما تتزامن في نفس الجسد. أما بالنسبة للرجال الذين لا يعانون من أي من هذه العوامل، فإن احتمالية وفاتهم قبل هذا السن تنخفض بشكل كبير إلى 68%، وهو ما يعني أن الفارق بين الحالتين يمكن ترجمته فعليًا إلى سنوات طويلة من العمر المفقود بسبب سوء الحالة الصحية.

وتُعد هذه الأرقام بمثابة جرس إنذار للأطباء وصنّاع السياسات الصحية، إذ تبيّن بوضوح أن مجرد التحكم في عدد من العوامل المعروفة والمتكررة، قد يكون كفيلًا بزيادة العمر المتوقع وجودة الحياة عند المسنين.

الفجوة بين الجنسين.. النساء لسن في مأمن

ورغم أن النساء غالبًا ما يُنظر إليهن على أنهن يتمتعن بعمر أطول من الرجال من الناحية البيولوجية، فإن الدراسة لم تغفل الجانب الأنثوي. فقد أظهرت البيانات أن النساء اللواتي يعانين من العوامل الخمسة عينها ترتفع لديهن احتمالية الوفاة المبكرة من 53% إلى 88%، ما يعني أن التأثير السلبي لا يقتصر على الرجال فقط، وإن كان أكثر حدة لديهم. وتشير هذه النتائج إلى ضرورة عدم الاستخفاف بصحة النساء في هذه المرحلة العمرية، والتأكيد على أهمية الفحوصات الدورية والتدخلات الوقائية المبكرة.

التدخين: أكثر العوامل فتكًا وأكبرها قابلية للعكس

من بين العوامل الخمسة التي استهدفتها الدراسة، برز التدخين بوصفه العامل الأكثر خطورة، ولكنه في الوقت ذاته، أكثر العوامل التي يمكن التعامل معها على نحو فعّال. فقد أظهرت النتائج أن الإقلاع عن التدخين في سن الخامسة والخمسين وحده، قادر على إضافة أكثر من عامين إلى متوسط العمر المتوقع للفرد. ويعد هذا الاكتشاف دليلًا واضحًا على الفوائد المباشرة والسريعة التي يمكن تحقيقها عبر تبني سلوك صحي واحد، ما يعزز من قيمة حملات التوعية ومراكز الدعم للإقلاع عن التدخين.

ضغط الدم والسمنة والسكري

ولا يقلّ خطر باقي العوامل الصحية عن التدخين، وإن كان بعضها أكثر صمتًا وخفاء. فارتفاع ضغط الدم مثلًا، يُعرف عالميًا باسم "القاتل الصامت"، لقدرته على التسبب في أضرار جسيمة للقلب والدماغ دون أن تظهر أعراض واضحة. وتوضح الدراسة أن ضبط ضغط الدم المرتفع يمكن أن يؤخر أمراض القلب بنحو عامين لدى النساء، وعام واحد لدى الرجال.

أما السمنة، التي باتت تُصنف عالميًا كجائحة غير معدية، فترتبط بشكل وثيق بزيادة احتمالية الإصابة بأمراض القلب، وأمراض التمثيل الغذائي، واضطرابات الجهاز التنفسي. وعندما تقترن السمنة بمرض السكري وارتفاع الكوليسترول، فإن تأثيرها السلبي يتضاعف، مسببة تدهورًا عامًا في وظائف الجسم الحيوية، وزيادة في معدلات الوفيات.

تطرح هذه الدراسة تساؤلات حيوية حول مدى وعي الأفراد بخياراتهم الصحية اليومية، وتأثير تلك الخيارات على أعمارهم ونوعية حياتهم المستقبلية. وتدعو نتائج الدراسة إلى ضرورة تبنّي نمط حياة صحي يشمل التغذية المتوازنة، النشاط البدني المنتظم، الابتعاد عن التدخين والكحول، والمراقبة المستمرة للمؤشرات الحيوية كضغط الدم ونسبة السكر في الدم والكوليسترول.

الصحة ليست حتمية بل نتيجة

يمكن القول إن هذه الدراسة تمثل نقطة تحول في فهمنا لمحددات العمر وجودة الحياة. فالصحة ليست حظًا، بل نتيجة مباشرة لقراراتنا اليومية. ومع أن بعض العوامل قد تكون وراثية أو خارجة عن إرادتنا، فإن الجزء الأكبر منها قابل للتغيير والتأثير عبر نمط حياة أكثر وعيًا ومسؤولية. إن ما نقوم به اليوم من خيارات صحية قد لا يغيّر فقط متوسط أعمارنا، بل قد يصنع الفارق بين شيخوخة نشطة وحياة مليئة بالأمراض.

تم نسخ الرابط