سلسال الطيب في 170 دولة.. قصة 60 ألف وافد يحملون رسالة الأزهر

الوافدون في عيون الأزهر.. 60 ألف طالب يمثلون 170 دولة حول العالم يدرسون العلوم الشرعية والإنسانية
يحظى الطلاب الوافدون بعناية خاصة من قبل مؤسسة الأزهر الشريف وشيخها فضيلة الدكتور أحمد الطيب، الذي يعرف بـ «أبو الوافدين» لكثرة ما قدمه ويقدمه في سبيل تذليل العقبات أمامهم، والسعي لنشر صحيح الدين الإسلامي بوسطية واعتدال إلى ربوع العالم، وفي السطور التالية يحرص موقع «نيوز رووم» على تقديم نبذة حول ما يقدمه الأزهر في هذا الصدد.

مشروع مدينة البعوث الإسلامية الجديدة بالقاهرة الجديدة
يتم تنفيذ المشروع وفقًا لمخططات التوسع التي تهدف لإتاحة المزيد من الأماكن التي توفر الرعاية المعيشية والاجتماعية والثقافية والرياضية والطبية لمختلف الطلاب الوافدين من دول العالم للدراسة بالأزهر الشريف، واستقبال الوافدين للدراسة، والذين يزيد عددهم على 50 ألفا من المبعوثين من مختلف دول العالم.
يستهدف مشروع مدينة البعوث الإسلامية الجديدة بالقاهرة الجديدة، إنشاء مدينة أزهرية متكاملة وسكنية لخدمة طلاب الأزهر المبعوثين من الخارج لمصر، على مساحة حوالي 172 فداناً، ومن المخطط أن تتضمن المدينة منشآت للبنين وأخرى للبنات، من بينها مبان لإسكان الطلاب الوافدين من البنين يسع نحو 17.7 ألف طالب، وإسكان طالبات وافدات يسع نحو 6 آلاف طالبة، إلى جانب قاعة مؤتمرات مركزية، ومعهد البعوث الإسلامية، ومطعمين رئيسيين لكُلٍ من البنين والبنات، ومنشآت تعليمية، وأخرى إدارية واجتماعية، وكذا خدمات وبنية أساسية، بالإضافة إلى مكونات رياضية متنوعة، ومسجد يسع 1500 مُصل.

توفير فرص التعايش والاندماج
الإمام الأكبر كشف خلال لقائه رئيس الوزراء الدكتور مصطفى مدبولي في إبريل من العام الماضي، إن الأزهر الشريف يستقبل آلاف الطلاب الوافدين من 106 دول حول العالم، للدراسة في مختلف المراحل التعليمية، بدءا من رياض الأطفال وحتى مرحلة الدراسات العليا، ويوفر الأزهر منحًا دراسية لطلابه الوافدين تغطي كافة مصاريف الدراسة والمعيشة في مصر، كما يوفر لهم فرص التعايش والاندماج في المجتمع المصري، وأن هناك متابعة دقيقة وعلى مدار الساعة لكافة شؤون الطلاب الوافدين والتنسيق مع مختلف الجهات المسؤولة من سفارات وقنصليات دولهم بهدف تيسير معيشتهم، والتغلب على أي عقبات من الممكن أن تواجههم.
وأشار إلى أننا نسعى لإنجاز منظومة «الشباك الواحد» الخاصة بالطلاب الوافدين من مختلف دول العالم لتسهيل التحاقهم بالأزهر فور وصولهم إلى مصر، بالإضافة إلى تجهيز منصة إلكترونية للتقديم لنيل المنح الدراسية الأزهرية في المراحل الجامعية وما قبل الجامعية ومرحلة الدراسات العليا، ومنح الالتحاق للتدريب بأكاديمية الأزهر العالمية لتدريب الأئمة والوعاظ، وكذا الدراسة بالبرامج الحرة لدراسة العلوم الإسلامية بالجامع الأزهر وأروقته المنتشرة في المحافظات، بحيث يسهل على أبناء المسلمين حول العالم التعرف على هذه المنح والبرامج وكيفية التقديم والالتحاق بها.

سفراء مصر والأزهر
بدوره، أكد رئيس الوزراء الدكتور مصطفى مدبولي أن الدولة المصرية تولي اهتمامًا كبيرًا بمدن البعوث الإسلامية كإحدى أهم بوابات مصر للعالم، مبينًا أن الطلاب الوافدين هم سفراء لمصر والأزهر بعد تخرجهم، وأن الدولة لا تدخر جهدًا -من خلال التنسيق مع الأزهر- في دعم هؤلاء الطلاب وتذليل العقبات التي من الممكن أن تواجههم فضلًا عن تيسير مختلف شؤون المبعوثين الأزهريين ممثلين لمصر في الخارج.

نعكس رسالة الأزهر العالمية في نشر الوسطية والاعتدال
بدورها، شددت الدكتورة نهلة الصعيدي مستشارة شيخ الأزهر لشؤون الوافدين، ورئيسة مركز تطوير تعليم الطلاب الوافدين والأجانب، على أن الأزهر الشريف يضع خدمة الطالب الوافد في مقدمة أولوياته، ويحرص على دعمه في مختلف مجالات التعليم، لا سيما في حفظ كتاب الله وفهمه وتدبر معانيه.
وأوضحت أن الأزهر يقدّم كافة أشكال الدعم للطلاب الوافدين، سواء من خلال البرامج التعليمية، أو المسابقات القرآنية، التي تعزز ارتباطهم بالقرآن الكريم، وتُسهم في ترسيخ القيم الوسطية التي يحملها، وأن المركز يعمل باستمرار على تحديث المناهج وتطوير أساليب التعليم، وتقديم أنشطة متنوعة تُعزز من قدرات الطلاب الشخصية والعلمية، مؤكدة أن الأزهر الشريف لا يدّخر جهدًا في دعم الطلاب من الوافدين، بما يعكس رسالة الأزهر العالمية في نشر الوسطية والاعتدال، وخدمة الطلاب من مختلف دول العالم.
وكشفت مستشارة شيخ الأزهر في تصريح خاص لـ "نيوز رووم" عن إطلاق مركز تطوير تعليم الطلاب الوافدين لمبادرة جديدة تحت عنوان "نحو نفس مطمئنة"، مشيرة إلى أن هذه المبادرة تهدف إلى تعزيز الجانب العقائدي والروحي لدى الطلاب، من خلال تقديم برامج تأهيلية تساعدهم على تقوية الهوية الإسلامية السمحة وتغرس قيم الرحمة والسلام والانتماء الحقيقي.
وأوضحت الصعيدي أن المبادرة تتضمن ورش عمل وتدريبات بالتعاون مع مختصين في مجالات النفس والدين، لضمان تقديم رؤية متكاملة تسهم في تشكيل شخصية الطالب الأزهري.
كما كشفت مستشارة شيخ الأزهر عن تفاصيل الأنشطة التي يقوم بها بيت الزكاة والصدقات المصري، الذي يشرف عليه فضيلة الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب، حيث أعلن عن تقديم أكثر من 10 آلاف خدمة إنسانية للطلاب الوافدين خلال العامين الماضيين، تتراوح بين سداد المصروفات الدراسية ودعم الحالات الطبية وتجديد الإقامات.
وقالت إنه تم تخصيص الدعم المقدم من بيت الزكاة والصدقات للطلاب الوافدين لتغطية النفقات الدراسية والأنشطة الثقافية والتعليمية.

مصر الأزهر تعمل على الأمن الفكري للعالم أجمع
سعد المطعني المسؤول الإعلامي للمنظمة العالمية لخريجي الأزهر كشف لـ «نيوز رووم» دور المنظمة كرافد أزهري ينضوي تحته مركز لتعليم اللغة العربية لغير الناطقين بها من الوافدين إلى جانب دورات التأهيل المختلفة والرعاية سواء في المقرات الداخلية أو الأفرع الخارجية، حيث قال: «نحن في الأزهر إذا تحدثنا عن جزئية الطلاب الوافدين فيكفي مصر شرفًا أنه يوجد على أرضها ما يقرب من 60 ألف طالب أزهري وافد من أكثر من 170 دولة على مستوى العالم - لن تجد قارة أو شبه قارة أو جزيرة إلا وبها أزهري يدرس في الأزهر سواء كان متخرجًا أو دارسًا أو يفكر في الالتحاق بالأزهر-.
وبين أن 60 ألف طالب يتم توزيعهم ما بين التعليم الجامعي والتعليم قبل الجامعي ومعاهد القراءات ومعاهد القراءات إلى جانب المعاهد الدينية.
وقال «المطعني»: «الأزهر هو كنز كبير ليس للأزهريين فقط بل للبشرية جمعاء؛ وذلك لأن مدرسة الأزهر هي المدرسة العلمية الوسطية التخصصية التوعوية التي تدرس العلوم الشرعية بأكثر من مذهب؛ وهذه الدراسة تتيح للطالب في تكوينه العقلي والفكري وبنائه المعرفي تتيح له الترجيح بين ما هو فاضل وأفضل، حسن وأحسن، راجح ومرجوح».
وأكد بأن هذه المرونة لدى الطالب حينما يتلقاها ويتعرف على صفات وملامح كل مذهب من المذاهب الإسلامية ويأخذ ويعطي حينما يعود إلى بلده يتقبل كل الأفكار ويتعامل معها بالمرونة والوسطية التي تعلمها في الأزهر الشريف، وهذه ميزة أن الطالب الأزهري يتلقى الدراسات الفقهية في الأزهر الشريف بمذاهبها المتنوعة باتجاهاتها ومشاربها، وجميع هذه المذاهب هي في الأصل هي رحمة للإسلام وللمسلم وللبشرية جمعاء.
وشدد على أننا أمام طالب يعود إلى بلده حاملًا وجامعًا للواء الإسلام الوسطي الذي تعلمه في الأزهر والثقافة والهوية المصرية، ويدفعنا إلى القول بأن مصر الأزهر تعمل على الأمن الفكري للعالم أجمع إذ يعد كل أزهري بمثابة رمانة التفكير السليم وحائط صد ضد الغلو والتشدد والتطرف.