ليست قطعة قماش .. الإفتاء: الحجاب في القرآن رسالة عفة وحياء

الحجاب ليس مجرد زيّ خارجي، بل هو عبادة وقيمة أخلاقية عظيمة، شرعها الله لحماية المرأة وصون كرامتها. وبينما يتجاهل البعض حقيقة فرض الحجاب، يتجلى في كتاب الله وسنة نبيه الأمر الواضح به، كتشريع إلهي لا يقبل الجدل.
في خضم الجدل المتكرر حول الحجاب، يثور سؤال: هل الحجاب فريضة؟ وللإجابة على هذا السؤال لا بد أن نعود إلى أصل التشريع الإلهي، إلى كلام الله تعالى، وإلى سنة نبيه محمد صلى الله عليه وسلم.
الحجاب في القرآن الكريم: أوامر إلهية لا تقبل التأويل
وردت آيات كثيرة في كتاب الله توضح حكم الحجاب، ومن أبرزها قول الله تعالى:
1. قول الله تعالى:
"يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِّأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِن جَلَابِيبِهِنَّ ۚ ذَٰلِكَ أَدْنَىٰ أَن يُعْرَفْنَ فَلَا يُؤْذَيْنَ ۗ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَّحِيمًا"
[الأحزاب: 59]
هذه الآية تأمر النبي صلى الله عليه وسلم أن يأمر نساء المؤمنين كافة، وليس فقط نساءه وبناته، بأن يدنين عليهن جلابيبهن، أي يغطين أجسادهن بثوب واسع ساتر، حمايةً لهن من الأذى وصيانةً لعفتهن.
2. وقوله تعالى:
"وَقُل لِّلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا بِخُمُرِهِنَّ عَلَىٰ وَلْيَضْرِبْنَ جُيُوبِهِنَّ ۖ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا لِبُعُولَتِهِنَّ..."
[النور: 31]
هذه الآية تأمر المؤمنات بغضّ البصر، وحفظ الفرج، وعدم إظهار الزينة إلا ما ظهر منها، وأن يغطين صدورهن وأعناقهن بـ"الخمار"، وهو غطاء الرأس المعروف.وهو ما فسّره كثير من العلماء بالوجه والكفين، وأوجبوا ستر ما سواهما.
ماذا قال العلماء في فرضية الحجاب؟
أجمعت الأمة الإسلامية – علماءها ومذاهبها – على أن الحجاب فريضة شرعية، والأمر به وارد بصيغة صريحة في القرآن الكريم، ولا يوجد خلاف معتبر في أصل وجوبه.
دار الإفتاء المصرية تؤكد ذلك، حيث أوضح مفتي الجمهورية الدكتور شوقي علام أن:
"الحجاب فرضٌ بنصوص الكتاب والسنة، وإجماع الأمة، والقول بغير ذلك هو افتئات على الشريعة، وردٌّ لنصوصها القطعية، وزعزعة لثوابت الدين".
كما بيّن أن التشكيك في فرضية الحجاب يفتح بابًا خطيرًا للتشكيك في أصول الإسلام وأحكامه.
الحجاب ليس حريّة شخصية.. بل طاعة لله
الحجاب في الإسلام ليس مسألة "حرية شخصية" بالمعنى المتداول، بل هو أمر تعبدي شرعي، كالصلاة والصيام. المسلم يلتزم به طاعة لله، لا لمواكبة المجتمع أو ترضية أحد.
إن إظهار الحجاب على أنه مجرد اختيار فردي، يُخفي وراءه إنكارًا لتشريع رباني، ويُمهّد للتهاون بسائر الأوامر الشرعية.
من يهاجم الحجاب.. يعبث بثوابت الدين
أصبحنا نسمع اليوم من يقول: "الحجاب ليس فرضًا"، "لم يُذكر في القرآن"، أو "هو عادة وليس عبادة". هذه الادعاءات تخالف نصوصًا قرآنية واضحة، وهي في حقيقتها محاولة لزعزعة ثوابت الدين وتغريب المجتمع المسلم.
ويُحذر العلماء من خطورة هذه الموجات التي تُلبِس الباطل ثوبَ الحرية، وتدعو إلى التجرد من الهوية الإسلامية تحت عناوين براقة.
الحجاب شرف والتزام.. لا يليق به التنازل
الحجاب ليس مجرد قطعة قماش تغطين بها جسدك، بل هو راية إيمان، وعنوان عفة، ودليل طاعة لرب العالمين.
في زمن كثر فيه اللغط والجدل، وارتفعت فيه الأصوات التي تشكك في الثوابت، كوني أنتِ الثابتة على أمر الله، المعتزة بدينك، المتمسكة بوصية نبيك صلى الله عليه وسلم.
تذكري دائمًا:
- أن حجابك عبادة، تؤجرين عليها.
- أن وقارك ستر، يحفظك من أعين لا ترحم.
- أن طاعتك لله أعظم من رضا الناس أجمعين.
وإن راودك الشك أو الضعف، فاستعيني بالله، وادعيه بصدق:
"اللهم ثبتني على طاعتك، وارضني بحكمك، ووفقني لمرضاتك، واجعل حجابي ستري في الدنيا، ونوري يوم ألقاك."
كوني قدوة لغيرك، وارفعي راية الحياء في وجه ثقافة التعرّي.
الحجاب زينة لا يُدركها إلا من أحبّت الله حقًا.
فكوني أنتِ تلك المؤمنة التي اختارها الله لتكون من أهل الطاعة والثبات.فـمن أرضى الله بسخط الناس، رضي الله عنه وأرضى عنه الناس.