هل يغني استفتاء القلب عن أهل العلم؟.. دار الإفتاء ترد وتوضح

يتساءل كثير من المسلمين عن مدى جواز استفتاء القلب عند التردد في حكم شرعي معين، خاصة في الأمور التي تثير الشكوك أو عندما تتعدد الفتاوى، فهل يجوز للمسلم أن يتبع ما يطمئن إليه قلبه؟ وهل استفتاء القلب يغني عن الرجوع إلى أهل العلم؟ سؤال أثار اهتمام الكثيرين، ودفع دار الإفتاء المصرية إلى الرد عليه وتوضيح الضوابط الشرعية المرتبطة به.
الإفتاء: استفتاء القلب لا يُغني عن الفتوى الشرعية من أهل العلم
أكدت دار الإفتاء المصرية، في فتوى رسمية نُشرت على موقعها الإلكتروني "الفيسبوك"، أن استفتاء القلب لا يُغني عن الرجوع لأهل الفتوى من العلماء المتخصصين، مؤكدة أن هذه القاعدة "استفت قلبك" لا تطبق على إطلاقها، وإنما ترتبط بظروف وشروط محددة.
وقالت دار الإفتاء، إن حديث النبي صلى الله عليه وسلم: "استفتِ قلبك وإن أفتاك الناس وأفتوك"، لا يُفهم منه أن كل شخص له أن يُصدر لنفسه الحكم بناءً على ما يرتاح له وجدانه، لأن ذلك قد يؤدي إلى الانحراف عن الشريعة واتباع الهوى.
من هو الذي يجوز له استفتاء قلبه؟
وتابعت الإفتاء المصرية، أن هذا الحديث يفهم في سياق معين، وهو عندما يكون المسلم قد بلغ من التقوى والورع والالتزام الشرعي ما يجعله يخشى الله في أفعاله وقراراته، بل ويبتعد عن الشبهات قدر الإمكان، لذلك، فإن استفتاء القلب يكون في مواضع الورع، وليس في الفصل بين الحلال والحرام أو إصدار الأحكام الفقهية، كما أن هذا لا يُغني عن سؤال العلماء، خاصة في المسائل المعقدة التي تحتاج إلى فقه ودراية بأحكام الشريعة.
الفرق بين الفتوى واستفتاء القلب
وأوضحت دار الإفتاء، أن الفتوى تعتمد على أصول علمية وفقهية، وتبنى على أسس منضبطة من القرآن الكريم والسنة النبوية وآراء الفقهاء، أما استفتاء القلب فهو باب من أبواب الورع الشخصي والاحتياط، ولا يُبنى عليه حكم عام ولا يُحتج به في النزاعات أو القضاء.
لذلك شددت الإفتاء على أن المسلم إذا أراد معرفة الحكم الشرعي الصحيح، فعليه أن يسأل أهل الذكر، كما قال الله تعالى: "فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِن كُنتُمْ لَا تَعْلَمُونَ".
حالات خاصة لاستفتاء القلب
بحسب ما أشار إليه عدد من علماء الأزهر ودار الإفتاء، فإن استفتاء القلب قد يكون مفيدًا في بعض الحالات الشخصية، مثل:
- الشعور بالضيق والقلق من أمر مباح شرعًا لكنه يُزعج الضمير.
- اتخاذ قرار بين أمرين كلاهما مباح، ولكن أحدهما أقرب إلى الله.
- الورع عن بعض المشتبهات رغم جوازها، طلبًا للتقوى.
- لكن رغم ذلك، يبقى الأصل هو الرجوع لأهل العلم، وعدم الاكتفاء فقط بما يشعر به الإنسان في قلبه.
تحذير من فوضى الفتاوى
حذرت دار الإفتاء، من خطورة الاعتماد على النفس أو غير المتخصصين في المسائل الشرعية، خاصة في ظل انتشار الفتاوى المضللة على مواقع التواصل الاجتماعي، داعية إلى توخي الحذر، وعدم الانسياق وراء من يدّعي الفهم بالدين دون علم.
وذكرت أن من يفتون بغير علم يُضلون الناس ويقعون في الإثم، وقد ورد في الحديث الشريف: "من أُفتي بغير علم كان إثمه على من أفتاه".