هل يجوز لمريض السكري عدم غسل قدميه في الوضوء؟.. دار الإفتاء توضح

في ظل ما يعانيه مرضى السكري من مضاعفات صحية دقيقة، خاصة ما يتعلق بتقرحات القدمين أو مشاكل الجلد، يكثر التساؤل بين المصابين بالسكري حول حكم غسل القدمين أثناء الوضوء، وهل يمكن التخفيف أو التعديل في كيفية أداء هذا الركن من أركان الطهارة؟.
هذا السؤال لا يخص الجانب الديني فقط، بل يتداخل فيه الرأي الطبي مع الفقهي، مما يجعله قضية مهمة تهم آلاف المسلمين، خصوصًا كبار السن ومرضى السكر المزمن.
الوضوء وغسل القدمين: الأصل في الحكم
أجمع العلماء على أن غسل القدمين من فروض الوضوء، وقد ورد ذلك صريحًا في قوله تعالى:
“يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلَاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ وَامْسَحُوا بِرُءُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ” (المائدة: 6).
وبالتالي فإن غسل القدمين واجبٌ شرعًا لكل مكلّف صحيح الجسد، ما لم يكن هناك مانع شرعي أو طبي.
رأي دار الإفتاء: التيسير مع وجود الضرر
أوضحت دار الإفتاء المصرية في أكثر من فتوى أن مريض السكري الذي يعاني من جروح أو تشققات أو تقرحات في القدمين، ويخشى أن يزداد الضرر بسبب غسلها، له رخصة شرعية في عدم غسل القدمين بالماء. وفي هذه الحالة، يجوز له مسح القدمين بلطف بقطعة قماش مبللة أو أن يمسح الجورب إذا كان يلبسه على طهارة، بشرط أن يكون الجورب سميكًا يغطي موضع الغسل.
وفي حال نصح الطبيب بضرورة تجنب تعريض القدم للماء بشكل كامل، فإن هذا يدخل تحت باب رفع الحرج، الذي راعاه الإسلام في جميع تشريعاته. قال تعالى: “وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ” (الحج: 78).
التوفيق بين الفقه والطب
الأطباء المختصون بأمراض القدم السكرية يحذرون من تعرض الجروح للماء، لما قد يسببه من بطء في الالتئام أو زيادة فرصة العدوى. وهنا يظهر جمال التشريع الإسلامي، الذي يفتح باب التيسير لكل من يعاني من مشقة حقيقية، دون أن يسقط عنه الفرض، بل يبدله بما يناسب حالته.
خاتمة: الإسلام دين رحمة وتيسير
في النهاية، يتأكد لنا أن الإسلام لا يُكلف نفسًا إلا وسعها، وقد راعى جميع الأحوال الصحية والبدنية للمكلفين، خصوصًا أصحاب الأمراض المزمنة. ومريض السكري الذي يتضرر من غسل قدميه له أن يتبع الرخصة الشرعية المعتبرة، على أن يستفتي أهل العلم عند الحاجة، ويأخذ بنصيحة الأطباء حفاظًا على صحته وسلامته