"قضية التآمر".. تونس على صفيح ساخن وسط انقسام سياسي وقانوني

شهدت تونس تطورًا قضائيًا بارزًا بعد صدور أحكام مشددة تتراوح بين 13 و66 عامًا بحق عدد من السياسيين والإعلاميين ورجال الأعمال، في القضية المعروفة إعلاميًا باسم "قضية التآمر على أمن الدولة"، وهي القضية التي أثارت جدلًا واسعًا وخلقت حالة من الانقسام في الشارع التونسي.
وذكرت نسرين رمضاني، مراسلة قناة "القاهرة الإخبارية" من تونس، أن القضاء التونسي وجه اتهامات خطيرة للمتهمين، من أبرزها التآمر على أمن الدولة الداخلي والخارجي، وتكوين والانضمام إلى خلية إرهابية، إضافة إلى تحريض المواطنين على العنف ونشر الفوضى داخل البلاد.
شخصيات سياسية بارزة
القضية لم تكن عادية في تركيبتها، فقد شملت عددًا من الشخصيات السياسية والإعلامية البارزة، وعلى رأسهم راشد الغنوشي، زعيم حركة النهضة، الذي يُعد من أبرز الأسماء السياسية في تونس خلال العقود الأخيرة، كما ضمت القائمة أيضًا رئيس الحكومة السابق يوسف الشاهد، إلى جانب عدد من القيادات الحزبية والوجوه الإعلامية المعروفة.
هذه التهم جاءت في إطار حملة موسعة أعلنت عنها السلطات التونسية لمحاربة ما تصفه بـ"التهديدات الأمنية الداخلية والخارجية"، الأمر الذي اعتبرته بعض الجهات بمثابة تصعيد سياسي وقضائي غير مسبوق.
القضية تفتقر للأدلة
ورغم الأحكام المشددة التي أصدرتها المحكمة، فقد خرجت هيئة الدفاع عن المتهمين لتؤكد أن القضية "فارغة من الأدلة"، وتفتقر إلى المستندات القانونية التي تدين المتهمين بشكل مباشر، مشيرة إلى ما وصفته بـ"غياب شروط المحاكمة العادلة".
وأوضحت رمضاني أن تصريحات هيئة الدفاع زادت من حدة الجدل والانقسام داخل الأوساط السياسية والحقوقية، حيث ترى بعض الأطراف أن القضية تحمل أبعادًا سياسية أكثر من كونها جنائية، بينما تدافع أطراف أخرى عن قرارات القضاء باعتبارها "ضرورية لحماية أمن واستقرار الدولة".
تداعيات القضية في تونس
لم تقف تداعيات القضية عند حدود المحاكم، بل امتدت إلى تأجيج حالة من التوتر في المشهد السياسي التونسي، خصوصًا مع اقتراب الانتخابات الرئاسية المقررة لاحقًا هذا العام. ويخشى البعض من أن تؤدي مثل هذه القضايا إلى مزيد من الاستقطاب السياسي والتوتر المجتمعي، ما قد يعرقل مسار الانتقال الديمقراطي في البلاد.
وفي المقابل، ترى الحكومة أن هذه الإجراءات تعكس إرادة سياسية لمحاربة الإرهاب والتآمر ضد الدولة، وأن لا أحد فوق القانون، في رسالة واضحة بأن الأمن القومي هو أولوية قصوى لا تحتمل التهاون.

ملف مفتوح.. وجدل لا ينتهي
ختامًا، تظل قضية التآمر على أمن الدولة من أكثر الملفات حساسية في تونس خلال السنوات الأخيرة، وسط تساؤلات حول مدى استقلالية القضاء، واحتمالات تأثير القضية على المسار الديمقراطي في البلاد. وبينما يرى البعض أنها خطوة ضرورية لضبط الأمن، يراها آخرون تهديدًا للحريات وملاحقة للمعارضين السياسيين.
ويبقى الشارع التونسي في حالة ترقب لما ستؤول إليه تطورات هذا الملف، وما إذا كانت ستُفتح أبواب التسويات السياسية، أم أن البلاد مقبلة على مرحلة جديدة من الصراع القانوني والسياسي.