خالد الجندي: قصص الأمم السابقة وحي إلهي ومعجزة نبوية خالدة (فيديو)

في إطار برنامجه التوعوي والديني "لعلهم يفقهون"، تناول الشيخ خالد الجندي، عضو المجلس الأعلى للشئون الإسلامية، أهمية القصص التي يرويها النبي محمد ﷺ عن الأمم السابقة، مؤكدًا أنها ليست مجرد حكايات أو روايات موروثة، بل وحيٌ من عند الله عز وجل، يشكل أحد أبرز أوجه الإعجاز القرآني ودلالات صدق الرسالة المحمدية.
القصص النبوي ليس نقلاً
بدأ الشيخ الجندي حديثه بالإجابة عن تساؤل قد يتبادر إلى أذهان البعض: "من أين عرف النبي ﷺ هذه القصص؟"، مشيرًا إلى أن الجواب يكمن في قوله تعالى: "وما ينطق عن الهوى، إن هو إلا وحي يوحى"، وهي الآية التي تُشكّل الإطار العقائدي الذي يستند إليه المسلمون في فهم كل ما ورد عن النبي في الشئون الدينية.
وأضاف: "حين يحدثنا النبي ﷺ عن قصة من قصص السابقين، فإنه لا يعتمد على مصادر بشرية أو معارف أرضية، بل يُبلّغنا ما أُوحي إليه من الله، دون زيادة أو نقصان، ما يجعل هذه القصص جزءًا من الدين ذاته، وليست مادة روائية للمتعة أو الثقافة فحسب".
رؤية علم لا رؤية بصر
توقف الجندي عند صيغة التعبير القرآني في عدد من المواضع التي خاطب فيها الله نبيه بقوله: "ألم ترَ"، كما في قوله: "ألم تر إلى الذي حاج إبراهيم في ربه"، أو "ألم تر كيف فعل ربك بأصحاب الفيل"، مشيرًا إلى أن النبي ﷺ لم يشهد هذه الوقائع بعينه، لأنها سبقت ميلاده، لكن الله تعالى قد أراه إياها بعين العلم واليقين، لا بعين البصر.
وأوضح أن استخدام صيغة "ألم ترَ" في القرآن يؤكد أن الرؤية هنا هي رؤية علم ويقين، وأن النبي يعلم هذه القصص كما لو كان قد عايشها، وهو ما يمنحها وزنًا كبيرًا في الوعي الإيماني والروحي للمسلم.
توجيه ودرس وإعجاز
شدد الجندي على أن القصص الواردة في القرآن الكريم لا تُروى لمجرد العبرة فحسب، بل هي أيضًا دليل دامغ على المصدر الإلهي للقرآن الكريم، مستشهدًا بقوله تعالى: "ذلك من أنباء الغيب نوحيه إليك، ما كنت تعلمها أنت ولا قومك من قبل هذا".
وأكد أن هذه الآيات تدحض أي مزاعم تشير إلى أن النبي قد استعان بكتب أو روايات سابقة في نقل تلك الأحداث، قائلاً: "النبي لم يكن قارئًا ولا كاتبًا، ولم يكن محيطًا بالثقافات الأخرى، لكنه تحدث عن أدق التفاصيل في تاريخ أممٍ مضت، وهو ما لم يكن ممكنًا إلا بوحيٍ مباشرٍ من الله".

الثقة في الوحي والرسالة
اختتم الجندي حديثه بالتأكيد على أن كل ما ينقله النبي ﷺ في أمور الدين هو جزء من الوحي، وعلى المسلمين أن يتعاملوا مع القصص القرآني كركن إيماني يُرسّخ العقيدة، ويزيد الوعي بتاريخ البشرية من منظور إلهي، لا بشري.
وشدد على أن هذه القصص هي مدرسة أخلاقية وتربوية وروحية، كما أنها برهان باهر على صدق رسالة النبي الخاتم ﷺ، وإحدى الصور البديعة للإعجاز القرآني الذي لا تنقضي عجائبه، قائلًا: "ما كان لهذا النبي الكريم أن يعلم هذه القصص بتفاصيلها الدقيقة، إلا لأن الله هو من علمه، وهذه الحقيقة يجب أن تظل راسخة في يقين كل مسلم".