عاجل

عصير الكرز الحامض.. علاج طبيعي واعد يخفف من التهابات القولون التقرحي

عصير الكرز الحامض
عصير الكرز الحامض

كشفت دراسة بريطانية حديثة عن فوائد ملحوظة لعصير الكرز الحامض في تخفيف أعراض التهاب القولون التقرحي، وهو مرض مزمن يعاني منه ملايين الأشخاص حول العالم، ويؤثر بشكل مباشر على جودة حياتهم اليومية، وذلك في إنجاز طبي قد يفتح آفاقًا جديدة لعلاج أحد أكثر أمراض الأمعاء الالتهابية شيوعًا.

البحث، الذي أُجري من قبل فريق علمي من جامعتي هيرتفوردشاير ووسط لانكشاير، ركّز على دراسة تأثير عصير الكرز الحامض من نوع Montmorency، الذي يتميز بتركيز عالٍ من المركبات النباتية المضادة للالتهاب، وتحديدًا مركبات "الأنثوسيانين"، المعروفة بقدرتها على تهدئة الالتهابات وتحسين وظائف الجهاز الهضمي.

تفاصيل الدراسة والتجربة السريرية

اعتمدت الدراسة، التي تعد الأكبر من نوعها من حيث عدد المشاركين وتركيزها المباشر على البشر، على مشاركة 35 مريضًا تتراوح أعمارهم بين 18 و65 عامًا، جميعهم يعانون من التهاب القولون التقرحي بدرجات متفاوتة.

طُلب من المشاركين تناول 130 مل من عصير الكرز الحامض المخفف مرتين يوميًا لمدة ستة أسابيع متواصلة، مع الحفاظ على نظامهم الغذائي وأدويتهم الثابتة دون تغيير.

عصير الكرز الحامض
عصير الكرز الحامض

وقد أظهرت النتائج الأولية للدراسة انخفاضًا ملحوظًا بنسبة 40% في مستويات الكالبروتكتين البرازي، وهو بروتين يُعد من أهم المؤشرات الحيوية المستخدمة لقياس درجة الالتهاب في الأمعاء. 
هذا الانخفاض يشير بوضوح إلى تحسن في نشاط المرض وتهدئة للالتهاب الذي يسبب الأعراض المزعجة للمصابين.

تحسن نفسي وجودة حياة أعلى

لم تقتصر النتائج الإيجابية على المؤشرات الحيوية فقط، بل أكد المشاركون أيضًا شعورهم بتحسن في جودة حياتهم العامة بنسبة بلغت نحو 9%، وقد شمل التحسن الجوانب الجسدية والنفسية، كتحسن النوم، انخفاض حدة آلام البطن، وانخفاض مستوى التوتر المرتبط بالمرض، وهو ما يعطي أملًا جديدًا لمرضى هذا الداء في إيجاد خيارات علاجية طبيعية داعمة للأدوية التقليدية.

مكونات العصير ومفعوله البيولوجي

بحسب الفريق البحثي، فإن الفعالية العلاجية لهذا العصير ترجع إلى احتوائه على نسبة عالية من الأنثوسيانين، وهي مركبات طبيعية موجودة في الفواكه ذات اللون الأحمر الداكن والبنفسجي، وتتميز بقدرتها على محاربة الالتهابات والتأثير الإيجابي على الجهاز المناعي. وتوفر كل 30 مل من العصير المركز كمية مماثلة لتناول نحو 100 حبة كرز كاملة.

ليس بديلاً عن العلاج.. لكنه داعم واعد

أكدت البروفسورة ليندسي بوتومز، المشاركة في إعداد الدراسة ورئيسة مركز أبحاث علم النفس والرياضة بجامعة هيرتفوردشاير، أن النتائج رغم إيجابيتها، لا تعني الاستغناء عن الأدوية التقليدية مثل الستيرويدات أو مضادات الالتهاب، لكنها تشير بوضوح إلى إمكانية إدماج عصير الكرز كعنصر مكمل في خطة العلاج، قد يساعد في تقليل الأعراض وربما تأخير الحاجة للتدخلات الطبية الأشد، مثل العمليات الجراحية.

خطوة نحو توسيع الأبحاث لتشمل داء كرون

نتيجة لهذه المؤشرات الواعدة، يخطط الفريق البحثي لتوسيع نطاق الدراسة ليشمل مرضى داء كرون، وهو مرض التهابي آخر يصيب الجهاز الهضمي، ويُعد من الحالات المعقدة التي تؤثر على الأمعاء الدقيقة والغليظة معًا. 

ويأمل الباحثون في أن تساعد هذه الأبحاث على تقديم حلول طبيعية داعمة تعزز من فاعلية العلاجات الدوائية التقليدية وتقلل من آثارها الجانبية المحتملة.

ما هو التهاب القولون التقرحي؟

يُعد التهاب القولون التقرحي أحد الأمراض المزمنة التي تصيب البطانة الداخلية للقولون والمستقيم، وتسبب التهابات وتقرحات قد تؤدي إلى أعراض مزعجة كالإسهال المزمن، وآلام البطن، وفقدان الوزن، والشعور الدائم بالإرهاق. 

ورغم أنه لا يوجد علاج نهائي لهذا المرض حتى الآن، فإن التعايش معه يعتمد على مزيج من الأدوية، والنظام الغذائي، والدعم النفسي، والخيارات التكميلية كالعلاجات الطبيعية.

تشير هذه الدراسة إلى أن الطبيعة قد تحمل في جعبتها مفاتيح علاجية يمكن أن تخفف من معاناة ملايين المرضى حول العالم. ورغم أن عصير الكرز الحامض ليس علاجًا سحريًا، إلا أنه يمثل بارقة أمل في طريق البحث عن حلول أقل ضررًا وأكثر توافقًا مع الجسم، ويعزز من فلسفة العلاج الشامل التي تجمع بين الطب التقليدي والخيارات الطبيعية

تم نسخ الرابط