هل يجوز إجبار المدين على الاستدانة لسداد دينه؟ الإفتاء توضح

أوضحت دار الإفتاء المصرية، في فتوى رسمية صادرة عن مفتي الجمهورية الأستاذ الدكتور نظير محمد عياد، الحكم الشرعي في مسألة شائعة تتعلق بالديون، وهي: هل يجوز إجبار المدين على الاستدانة مجددًا لسداد دين سابق حان وقت سداده؟
لا إجبار على الاستدانة في حالة العجز
أكدت الفتوى أنَّ الواجب على المدين هو سداد الدين في موعده إذا كان قادرًا على الوفاء. أما إذا كان لا يزال متعسرًا وغير قادر على السداد، فليس للدائن أن يجبره على الاستدانة لسداد الدين الأول.
وأوضحت أنَّ الدائن في هذه الحالة مخير بين أمرين:
- إما إسقاط الدين عن المدين المتعسر.
- أو إمهاله وتأجيل السداد حتى تتيسر أحواله، دون فرض أي زيادة مالية، حماية من الوقوع في الربا.
إذا استدان المدين طوعًا.. فلا حرج
وأشارت الفتوى إلى أنه لا يلزم المدين بالاقتراض من جديد، لكن إن فعل ذلك طوعًا وكان يرى في نفسه القدرة على السداد لاحقًا، فلا حرج عليه في ذلك شرعًا، ويُعد فعله صحيحًا.
المماطلة مع القدرة ظلم.. وللقضاء دور في رد الحقوق
لكن، إذا ثبت أن المدين يماطل في السداد رغم قدرته، فإن هذا يُعد ظلمًا شرعًا؛ فقد قال النبي ﷺ:
«مَطْلُ الغَنِيِّ ظُلْمٌ» – متفق عليه.
وفي هذه الحالة، يجوز للدائنين المطالبة بسداد الدين، وإذا رفض المدين دون عذر، فلهم اللجوء إلى أهل الصلاح والخير للتوسط، وإن لم يُجْدِ ذلك نفعًا، فلهم الحق في رفع الأمر إلى القضاء؛ ليُفصل فيه وتُعاد الحقوق إلى أصحابها.
الشرع يحث على التسامح مع المدين المتعسر
استشهدت الفتوى بالعديد من النصوص التي تحث على مراعاة حال المدين المعسر، منها قول الله تعالى:
﴿وَإِنْ كَانَ ذُو عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ إِلَى مَيْسَرَةٍ﴾ [البقرة: 280]
وكذلك قول النبي ﷺ في الحديث المتفق عليه عن الرجل الذي كان يُداين الناس ويأمر خدمه بالتجاوز عن المعسر:
«لَعَلَّ اللَّهَ أَنْ يَتَجَاوَزَ عَنَّا، قَالَ: فَلَقِيَ اللَّهَ فَتَجَاوَزَ عَنْهُ».
أقوال الفقهاء تدعم الفتوى
ذكرت دار الإفتاء في فتواها أن جمهور الفقهاء من المذاهب الأربعة (الحنفية والمالكية والشافعية والحنابلة) أجمعوا على أنه لا يُجبَر المدين على الاستدانة لسداد دَين سابق. كما لا يُجبر على بيع ماله أو قبول هبة أو صدقة لذلك الغرض.
وأكدت أقوال العلماء أن هذا الحكم يثبت طالما أن العذر والعجز عن السداد قائم، أما في حال ثبوت التهرب أو المماطلة، فيكون القضاء هو الفيصل بين الطرفين.
الخلاصة: لا إلزام بالاستدانة عند العجز.. والمماطلة ظلم شرعي
في ختام الفتوى، شددت دار الإفتاء المصرية على أنه:
- لا يُجبر المدين المتعسر على الاقتراض لسداد دَين سابق.
- يجوز له أن يفعل ذلك طوعًا إذا رأى في نفسه القدرة على السداد.
- إذا ثبتت المماطلة من المدين القادر، فللدائن أن يلجأ إلى الوساطة أو القضاء.
- الشرع يحث على التسامح مع المدين المعسر ويمنع الظلم في المطالبة.