عاجل

سياسة «الزي الموحد» في مدارس أفغانستان: تعليم أم أداة للسيطرة ؟

طلاب المدارس في أفغانستان
طلاب المدارس في أفغانستان

تعيش المدارس الأفغانية، اليوم، على وقع تحول جذري في البيئة التعليمية، مع تصاعد القيود التي تفرضها حركة "طالبان" على الطلاب، تحت ستار الانضباط والهوية الدينية .. ففي خطوة أثارت قلق أولياء الأمور والمنظمات الحقوقية، بدأت السلطات في فرض زي موحد صارم على الطلاب، يتمثل في ارتداء "الشالوار قميص" الأبيض، والعمامة أو "اللونجي"، كشرط إلزامي للالتحاق بالمدارس.

ورغم أن القرار يبدو في ظاهره تنظيميًا، إلا أن تنفيذه العنيف من خلال الطرد والضرب وتسجيل الغياب، حوّله إلى أداة إقصاء للآلاف من الطلاب، خصوصًا في ظل الأزمة الاقتصادية الخانقة التي تعاني منها معظم الأسر الأفغانية.

بين الفقر والإجبار

شهادات مؤلمة لطلاب من ولايات مثل بغلان وتخار وكابول كشفت عن واقع قاسٍ، حيث لا يستطيع كثير منهم توفير ثمن الزي المفروض، ما أدى إلى تسرب عدد كبير منهم من التعليم. البعض قرر الانسحاب تمامًا من الدراسة، بعدما تحوّل الذهاب إلى المدرسة إلى تجربة مهينة ومكلفة، لا تليق بكرامة الإنسان أو برغبة الطفل في التعلّم.

الزي لا يكفي: تعليمات وعقوبات مشددة

القرارات لم تقتصر على المدارس فقط، بل طالت حتى الموظفين الحكوميين، حيث يُمنع من لا يرتدي الزي الشرعي أو يحلق لحيته من توقيع الحضور، ويُطلب منه توقيع تعهدات خطية بالالتزام بالمظهر الديني المفروض.

كما شهدت بعض المدارس تشديدات إضافية تشمل حظر الهواتف المحمولة وتحديد ألوان معينة للزي حسب المرحلة الدراسية، ما يعكس رغبة متزايدة في فرض نمط معيّن من الهوية والانضباط القسري.

أيديولوجيا تحل محل التعليم


تأتي هذه الإجراءات ضمن نهج شامل تتبناه حركة "طالبان" لإعادة تشكيل الهوية التعليمية في البلاد بما يتماشى مع رؤيتها الدينية الصارمة.

ووفقا لمصادر تعليمية، فقد تم تعديل المناهج الدراسية، بحذف المواد العلمية والفنية، وإزالة الصور والرسوم التوضيحية، مع التركيز على مواد دينية تدعو إلى الجهاد وتروّج لأفكار ترفض الديمقراطية وحقوق الإنسان.

الأخطر من ذلك أن المناهج الجديدة تروّج لخطاب طائفي، وتصف المذاهب المخالفة – خصوصًا الشيعية – بأنها "غريبة"، ما ينذر بتعميق الانقسامات الطائفية داخل المجتمع الأفغاني.

أصوات غائبة ومجتمع صامت

في ظل هذه السياسات، تبدو المدارس الأفغانية وكأنها لم تعد مؤسسات للتعليم، بل أدوات للهيمنة الفكرية والدينية، يُقوّض فيها حق الأطفال في التعلّم الحر، وتُختزل العملية التعليمية إلى مظهر خارجي ومضمون أحادي.

ويبقى الطلاب الأفغان، خاصة الفتيات اللواتي يُمنعن أصلًا من التعليم، في مواجهة واقع معتم، يهدد مستقبلهم، ويقضي على حقهم في العلم والأمل والتطور.

تم نسخ الرابط