هل يجب قضاء الصلوات الفائتة سواء كانت عمدًا أو نسيانًا ؟ دار الإفتاء توضح

تُعدّ الصلاة الركن الثاني من أركان الإسلام، وهي واجب يومي لا يسقط عن المسلم ما دام مكلفًا. لكن قد يمر الإنسان بظروف أو لحظات غفلة تؤدي إلى ترك الصلاة، سواء عن نسيان أو تعمد، ما يطرح تساؤلًا مهمًا: ما الحكم الشرعي في قضاء هذه الصلوات؟ وهل هناك فرق بين من فاتته الصلاة بعذر ومن تركها متعمدًا؟ هذا التقرير يعرض رؤية الفقه الإسلامي بشأن قضاء الصلوات الفائتة وشروط التوبة.
حكم قضاء الصلاة الفائتة:
أجمع علماء المسلمين على أن قضاء الصلاة المفروضة واجب على كل من فاتته، سواء بعذر كالنوم أو النسيان، أو حتى إذا تركها متعمدًا. ويرون أن التوبة وحدها لا تكفي، بل لا بد من القضاء المصحوب بالندم الصادق والعزم على عدم التكرار.
رأي دار الإفتاء في قضاء الصلوات الفائتة
أكدت دار الإفتاء أن قضاء الصلوات الفائتة واجب شرعي سواء فاتت بعذر كالنوم أو النسيان، أو بدون عذر. وأوضحت أن المسلم إذا ترك الصلاة عمدًا فعليه التوبة الصادقة وقضاء ما فاته قدر المستطاع، ويمكنه تقدير عدد الصلوات الفائتة وأداؤها تدريجيًا، كأن يصلي مع كل فرض حاضر فرضًا فائتًا.
كما أشارت إلى جواز القضاء في أي وقت من اليوم، حتى في أوقات الكراهة، وأن الترتيب بين الفوائت مستحب وليس واجبًا إذا كان يشق على المكلَّف
أداء الصلاة في وقتها فرض لا يُتهاون به:
جاء في القرآن الكريم: ﴿إِنَّ الصَّلَاةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَابًا مَوْقُوتًا﴾ [النساء: 103]، ما يدل على أن الالتزام بالوقت جزء أساسي من أداء الصلاة. كما حذرت الآيات من التهاون، منها قوله تعالى: ﴿فَوَيْلٌ لِلْمُصَلِّينَ الَّذِينَ هُمْ عَنْ صَلَاتِهِمْ سَاهُونَ﴾ [الماعون: 4-5].
حكم قضاء الصلاة بعذر:
إذا فاتت الصلاة بعذر شرعي كالنوم أو النسيان، فقد ورد في الحديث الشريف: “مَنْ نَسِيَ صَلَاةً فَلْيُصَلِّهَا إِذَا ذَكَرَهَا، لَا كَفَّارَةَ لَهَا إِلَّا ذَلِكَ” (رواه البخاري ومسلم). وهذا يدل على وجوب القضاء فور التذكر، وعدم التساهل في تأخير الأداء.
حكم قضاء الصلاة المتروكة عمدًا:
رغم أن ترك الصلاة عمدًا يُعد من الكبائر، فإن جمهور الفقهاء يرون أن القضاء لا يسقط، بل يجب أن يترافق مع توبة نصوح. فالقياس الشرعي يوجب القضاء على من تركها تعمدًا، من باب أولى بعد أن أُوجب على من تركها نسيانًا.
شروط التوبة عن ترك الصلاة:
1. الإقلاع عن الذنب: التوقف التام عن ترك الصلاة، والالتزام بأدائها في وقتها.
2. الندم والاستغفار: الشعور الحقيقي بالأسف على التقصير.
3. قضاء الصلوات الفائتة: محاولة استدراك ما فات قدر المستطاع، بشكل منظم ودون تسويف.
طريقة قضاء الصلوات الفائتة:
• البدء بترتيب الصلوات إن أمكن، من الأقدم إلى الأحدث.
• تخصيص وقت يومي لقضاء عدد محدد من الصلوات.
• المداومة على القضاء مع الالتزام بالفرائض اليومية.
الصلاة ليست مجرد طقس يومي، بل هي صلة روحية وثيقة بين العبد وربه. وإن فات المسلم بعضًا منها، فإن باب التوبة والقضاء لا يزال مفتوحًا، فالرحمة الإلهية تسع كل من تاب وأخلص النية