عاجل

دار الإفتاء تحذر من عقوق الوالدين.. أعظم الكبائر وعقوبته معجلة في الدنيا

عقوق الوالدين
عقوق الوالدين

 

برّ الوالدين من أعظم القربات، وعقوقهما من أكبر الكبائر التي تهلك صاحبها في الدنيا قبل الآخرة. وقد أولى الإسلام عناية فائقة بعلاقة الإنسان بوالديه، فجعل الإحسان إليهما مقرونًا بعبادة الله تعالى، واعتبر أي شكل من أشكال الأذى أو الإهانة لهما من أعظم الذنوب. وفي هذا السياق، توضح دار الإفتاء الحكم الشرعي لعقوق الوالدين، وعقوبته، وكيفية التعامل مع الأهل المؤذيين، حفاظًا على التوازن بين الواجبات الشرعية وحقوق النفس.


أولًا: ما هو عقوق الوالدين؟

العقوق هو كل قول أو فعل يتسبب في أذى أو إيذاء للوالدين، سواء كان بالإعراض، أو الكلمة الجارحة، أو الامتناع عن البرّ والرعاية. ويُعدّ العقوق نوعًا من الجحود لجميل الوالدين وتعبهما في تربية الأبناء.

ثانيًا: الأدلة على تحريم العقوق

من القرآن الكريم:

قال الله تعالى:

﴿وَقَضَىٰ رَبُّكَ أَلَّا تَعۡبُدُواْ إِلَّآ إِيَّاهُ وَبِٱلۡوَٰلِدَيۡنِ إِحۡسَٰنًا ۚ إِمَّا يَبۡلُغَنَّ عِندَكَ ٱلۡكِبَرَ أَحَدُهُمَآ أَوۡ كِلَاهُمَا فَلَا تَقُل لَّهُمَآ أُفٍّ وَلَا تَنۡهَرۡهُمَا وَقُل لَّهُمَا قَوۡلٗا كَرِيمٗا﴾ [الإسراء: 23]

من السنة النبوية:
• قال النبي ﷺ: “ألا أنبئكم بأكبر الكبائر؟ قالوا: بلى، قال: الإشراك بالله، وعقوق الوالدين…” (متفق عليه)
• وقال ﷺ: “لا يدخل الجنة عاقٌّ.”

ثالثًا: عقوبة العقوق في الدنيا والآخرة

في الدنيا:
• يعجّل الله بعقوبة العاقّ في حياته، كما قال النبي ﷺ:

“كل الذنوب يؤخر الله منها ما شاء إلى يوم القيامة، إلا عقوق الوالدين، فإن الله يعجل لصاحبه في الحياة قبل الممات.”

• وتتمثل العقوبة في ضيق الرزق، وانعدام البركة، وكثرة المشكلات والأزمات النفسية والاجتماعية.

في الآخرة:
• العاق من أهل الكبائر، ويُعرض نفسه لسخط الله وعذابه.
• قال ﷺ: “ثلاثة لا ينظر الله إليهم يوم القيامة: العاقّ لوالديه، ومدمن الخمر، والمنَّان بما أعطى.”


رابعًا: آراء الفقهاء


• جميع المذاهب الفقهية (المالكية، الشافعية، الحنفية، الحنابلة):
اتفقوا على أن العقوق من الكبائر، ويستحق صاحبه التعزير من الحاكم، أي العقوبة بما يردعه.
• ابن تيمية:
اعتبر أن عقوق الوالدين أعظم من القتل وقطع الطريق لأنه يجمع بين انتهاك حق الله وحق الخلق.
• هل يُقتل العاقّ؟
بعض العلماء ذهبوا إلى جواز القتل تعزيرًا في حال بلوغ العقوق حدّ الإيذاء الشديد، لكن جمهور الفقهاء لا يرون القتل، بل يكتفون بالتعزير والزجر.


خامسًا: هل يجوز الابتعاد عن الوالد المؤذي؟

الإسلام يحث على البرّ ولو مع الوالدين القاسيين، لكن يجوز الابتعاد في حالات الضرر:

1. الابتعاد للضرورة:
إذا تسبب الوالد في أذى نفسي أو جسدي شديد، أو ظلم مستمر، جاز للابن أن يبتعد لحماية نفسه، بشرط ألا يكون فيه قطيعة كاملة أو إساءة.

2. دون رد الإساءة:
حتى لو كان الوالد ظالمًا، لا يجوز الرد بالإهانة أو العقوق. بل يحسن الابن التصرف بالحكمة والصبر، ويدفع الأذى بأقل ضرر ممكن.

3. الاستعانة بالحكماء:
يمكن الاستعانة بأشخاص عقلاء من الأسرة أو خارجها للتدخل والإصلاح، خاصة إذا كان الأذى قابلًا للعلاج بالحوار

تم نسخ الرابط